عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

خارج السطر

فى احتفال المولد النبوى الشريف القادم سيتكرر النداء الأزلي: تجديد الخطاب الديني. تلك العبارة بمثابة روشتة مبهمة تُطلق كل مناسبة دون تفصيل أو توضيح باعتبارها ضرورة من ضرورات مكافحة الإرهاب.

ظنى، وليس كل ظن إثمًا، أن ذلك لا ينم عن جدية حقيقية فى التعامل مع الإرهاب الديني. تجديد الخطاب لا يعنى شيئا. قيلت مرارا وتكرارا، ولم يخمد الإرهاب. كتبت فى مطبوعات الأزهر وبيانات الحكومة وعناوين الصحف، ولم تنفتح عقول الناس، وظل التطرف والتعصب متغلغلا فى النفوس.

تجديد الخطاب لا يفيد ولا يضر. ربما يقرأه البعض كتغيير للخطاب، أو تبديل للكلمات، أو تركيز أكبر من الوعاظ على مشاهد السماحة وقيم اللين والعفو. لكن مَن قال إن هذا جديد. منذ آلاف السنين وهناك وعاظ كثر يقولون ذلك، لكن هناك آخرون يقولون العكس، وهم يستندون أيضا إلى وقائع من التاريخ ومشاهد من حيوات السلف.

لقد اختلط مفهوم الدين لدى العامة ليشمل التاريخ، فصارت أفعال الصحابة وخلفاء النبي(ص) تُقدم وتطرح للناس باعتبارها دينا. يقف خطيب ما ليقول للناس قال عمر كذا، وفعل علي كذا، ورأى أبو بكر كذا وكذا. وكل هؤلاء العظام لهم تقديرهم واحترامهم، لكنهم ليسوا سوى بشر يصيبون ويخطئون.

أما الأغرب والأعجب فهو أن نبقى محكومين فى الألفية الثالثة بمذاهب من القرون الوسطى، لتجيب دار الإفتاء المصرية عن أسئلة الناس بشأن حكم أمر ما بأن الإمام الشافعى رأى كذا، أو أن أبى حنيفة أجاز أو أباح. هذا إغراق فى الرجعية. أو لم يتبدل الزمان، وتتغير الظروف، وتعيد التكنولوجيا رسم حيوات البشر؟

نحن لا نحتاج تجديدًا للخطاب، لكننا نحتاج إصلاحا دينيا. يبدأ فى أسس التفكير أولا، ثم يمتد إلى فى الأحكام الفقهية، مطلقين حرية الاجتهاد للراغبين تحت لافتة نفع الناس.

 الكرة ليست فى ملعب الأزهر كما يظن البعض. لا هى مهمته ولا هى مسئوليته. فالمؤسسات الدينية فى أى مكان فى العالم هى أول من يقاوم التجديد والإصلاح. الكرة فى ملعب الدولة، هى المترددة  فى الإصلاح الدينى منذ عقود تحت ضغط الأصولية الشعبية.

يكتب المفكر الكبير عبد الجواد ياسين، وهو من المفكرين الأفذاذ أن الدولة فى المحيط العربى والإسلامى مازالت رغم عوامل التعرية السياسية لديها زخم سلطوى كاف لإنتاج مساهمات أكثر فاعلية فى قضية التجديد الديني.

ويرى الرجل أن المؤسسة الدينية الرسمية تفتقر إلى تفويض نصى لتمثيل الديانة ولا تحظى بقبول جمعى داخل المحيط الإسلامى، فضلا عن جمودها الواضح، وبعدها عن الحداثة، لذا فإنها لا يمكن أن تمثل الدولة فى لعب دور حقيقى فى الإصلاح الديني.

إن دور الدولة فى الإصلاح الدينى دور عملى يتجاوز الدور الوعظى أو الإعلامى والفكري. وإذا أرادت فعلت، لكن المشكلة أنها تمسك العصا من المنتصف تحت حسابات الشارع المعقدة.

لقد كان الرئيس الأسبق حسنى مبارك يشجع سرا كتابات المفكر الشهيد فرج فودة الداعية إلى الإصلاح ومكافحة تغول الأصوليين فى الشارع، لكنه لم يحمه من القتل على أيدى جهلة يائسين. وبعد ذلك تراجعت الدولة عن دورها فى الإصلاح إرضاء لهؤلاء الجهلة، بل تورطت يوما فى مصادرة روايات أدبية زعم الأصوليون أنها تمس العقيدة.

ببساطة وقناعة أقول لكم : إن الدولة بمفهومها الحديث هى أفضل مصلح دينى، والله أعلم.

[email protected]