رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

خارج السطر

 

الاشتباك مع العقل ديدن دعاة الدين المتشددين، الذين ما زادوا الإسلام خيراً مُذ طفحوا على سطح المشهد. لذا، فإن كل أطروحات دينية تتفق مع العلم تُمثل أملاً فى سمو مدرسة العقل وعودتها لتصدر المشهد مرة أخرى، بعد موجة البداوة والفهم الضيق التى ابتلى بها الدين عقودا طويلة.

من تلك الأطروحات دراسة رائعة لكاتب وباحث طبيب هو الدكتور أسامة الشاذلى حول يأجوج ومأجوج وحقيقتهما تتفق مع العلم والمنطق ولا تخرج عن نصوص الدين الثابتة المتواترة.

فالمعروف أن يأجوج ومأجوج من علامات القيامة، وورد ذكرهما فى التوراة والإنجيل والقرآن، لكن السير والمرويات تزخر بوقائع خيالية عن كائنات عجيبة تأكل الناس وتتسم بالدموية وتدعى أنهم محبوسون فى سجن بين جبلين فى منطقة غير متفق عليها، وسينفتح السجن قبل يوم القيامة ليعصفوا بالبشر. وقد أفاض بعض المفسرين فى حكايتهما، فزعم أن جماعة من العلماء سافروا إلى منطقة بالأناضول واطلعوا عليهم فى حبسهما.

أما أسامة الشاذلى فقد حلل الاسم لغوياً، وأعاد قراءة ما ورد فى القرآن بشأنهما فى سورتى الأنبياء، والكهف ليخلص إلى أن اللفظ أجَّ بتشديد الجيم، وأجّجَ يعنيان اشتعال اللهيب فى بواطن الأرض، ما يشير إلى ظاهرتين من الظواهر الجيولوجية تشبهان البراكين والتسونامى. والقراءة فى مستقبل علوم الجيولوجيا تشير بوضوح إلى تغيرات قادمة فى قشرة الأرض لتحمل لنا براكين وزلازل غير مسبوقة تتفق مع مشاهد القيامة الواردة فى كثير من سور القرآن الأخرى.

ومنطلق الزلازل والبراكين علميا سيكون من القارة القطبية، وهو ما يتفق مع قصة ذى القرنين الذى جاب الدنيا حتى وصل القارة القطبية، ووجد قوماً لا يكادون يفقهون قولا وهُم قبائل الإسكيمو، الذين يتميزون برفض تعلم أى لغة أخرى غير لغة الإسكيمو، لذا لا يكادون يفقهون لغات الآخرين. ورغم ذلك فقد طلبوا من النبى أو الرجل الصالح، ذى القرنين منع فساد يأجوج ومأجوج عنهم، وهنا فإن  صفة الإفساد يمكن أن تنسحب على الأشياء وليس على البشر فقط، وبالمنطق البسيط فإن الرجل جهز الحديد المنصهر وصبه فى فوهات البراكين وأغلق عليها بالقصدير وهو أمر منطقى وعلمى لحبس بركان محتمل.

لكن القول إنهم من سلالة آدم، والمتكرر فى مرويات تراثية عدة يصطدم مع العقل ومع فكرة العدالة الإلهية، إذ لا يمكن تصور استمرار نسل مفسد آلاف السنين فى مكان لا تراه الأقمار الصناعية، ولا يمكن تصور كيف يعيش هؤلاء، ولا لماذا لا يخرج من بينهم مصلحون أو مؤمنون ما دام الإنسان حرا فى اختياراته!

كتاب أسامة الشاذلى عن يأجوج ومأجوج يستحق القراءة، والاهتمام، والمحاورة، ويتفق مع العقل، والنقل اليقينى المتمثل فى القرآن، كما أنه يمثل رؤية إسلامية جديدة لمدرسة العقل والعلم فى الإسلام، والتى أسسها قبل أكثر من ألف عام مفكرو المعتزلة، لكنها توارت تحت زحف ذوى العقول المنغلقة.

وفى النهاية سيذهب الزبد جفاء، أما ما ينفع الناس فيمكث فى الأرض.

والله أعلم.

[email protected]