رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

لله وللوطن

ليست هذه هى المرة الأولى التى تتعرض فيها دولة سوريا الشقيقة للعدوان من جانب الأتراك.. فعلى مدى عدة سنوات.. شنت القوات المسلحة التركية سلسلة اعتداءات عسكرية على أراضى شمال سوريا الواقعة تحت سيطرة وحدات حماية الشعب الكردية السورية وتنظيم داعش الإرهابى.

 لكن العدوان التركى على سوريا الآن يختلف تماماً عن ذى قبل.

•• كيف؟

بدأ التوغل العسكرى التركى فى أراضى شمال سوريا منذ فبراير 2015.. عندما شنت القوات التركية ما يسمى بـ«عملية شاه الفرات» التى جرت تحت ستار نقل «ضريح سليمان شاه» إلى منطقة خاضعة لسيطرة تركيا بالقرب من الحدود.. ثم أعقبتها فى أغسطس 2016 وحتى مارس 2017 بـ«عملية درع الفرات» التى شارك فيها «الجيش السورى الحر» المدعوم من تركيا، التى كان هدفها الذى نجحوا فيه بالفعل هو طرد إرهابيى داعش ووحدات حماية الشعب الكردية السورية من المنطقة الحدودية.. وفى الفترة من يناير حتى نهاية مارس 2018 شنت القوات التركية وحليفها «الجيش السورى الحر» أيضا عدواناً أوسع تحت مسمى «عملية غصن الزيتون» استهدفت به السيطرة على أراض عربية خاضعة للأكراد.. إضافة إلى منطقة عفرين فى شمال غرب سوريا التى كانت خاضعة لقوات سوريا الديمقراطية.

كانت هذه العمليات التركية محددة الهدف والمدة والنطاق الجغرافى.. إذ كانت تهدف أولاً إلى تحجيم قوات حماية الشعب الكردية والحيلولة دون تمددها.. حيث تعتبرها امتداداً للدعوة الانفصالية التى يقودها حزب العمال الكردستانى ضد تركيا.. وأيضا تهدف تركيا وفق محللين سياسيين إلى ضمان نفوذ مؤثر فى مرحلة ما بعد الحرب فى سوريا عن طريق تثبيت وجودها العسكرى على الأرض فى هذه المناطق.. كما أن حزب العدالة والتنمية «الإخوانى» الحاكم فى تركيا تدفعه أسباب سياسية داخلية إلى هذا العدوان.. إذ يسعى إلى دغدغة المشاعر القومية للأتراك بالعزف على أوتار الصراع العرقى مع الأكراد.

•• لكن

فى هذه المرة.. ومنذ أن أطلق أردوغان «جيشه المحمدى» المزعوم فيما سماه «عملية نبع السلام» يوم 9 أكتوبر الجارى.. اختلف الأمر تماما.. حيث تستهدف تركيا والفصائل السورية المتحالفة معها طرد قوات سوريا الديمقراطية التى يقودها الأكراد وإقامة منطقة آمنة على عمق 30 كيلومتراً من الحدود فى شمال شرق سوريا.. وتعتزم أنقرة إعادة توطين اللاجئين السوريين بها.. أى أنهم يريدون استقطاع جزء كبير من الأراضى السورية.. ربما يصل حجمه إلى 400 ألف كيلومتر مربع.. ليقتلعوا منه سكانه السوريين ثم يحلون محلهم سكاناً آخرين سوريين أيضاً.. ولكنّهم موالون لهم.. لذلك فما يقومون به الآن هو غزو واحتلال عسكريين كاملين.. تترتب عليهما عواقب إنسانية جسيمة وموجات نزوح جماعية.. بدأت بالفعل خلال اليومين الماضيين.. أضف إلى ذلك الانعكاسات السلبية على جهود محاربة لإرهاب فى سوريا والمنطقة المتمثلة فى «داعش» حيث يعاد إحياء التنظيم بعد فرار الآلاف من مرتزقته المحتجزين فى معتقلات الأكراد.. أيضا سوف يقود هذا الغزو التركى قد يقود إلى إعادة رسم خريطة الصراع السورى بشكل شامل.. وهو ما يطول أمده كثيراً.

المسألة الآن ليست فقط مسألة صراع بين الأتراك والأكراد.. إذ إن أكراد سوريا أيضا يتحملون المسئولية بشكل كبير عن هذا الاحتلال التركى للأراضى السورية.. أولاً بسعيهم للانفصال وتكوين دولتهم الكردية المجتزأة من أراضى سوريا وتركيا والعراق.. وهو ما منح تركيا الذريعة لغزو الأراضى السورية.. والعراقية أيضا.. وثانيا لأنهم تعاونوا عسكريا وبشكل مباشر مع قوات أجنبية.. حيث دعمتهم واشنطن بالسلاح وبالقوات تحت زعم القتال ضد إرهابيى داعش.

•• والحقيقة

إن ما يفعله الأتراك الآن بالإضافة إلى أنه كشف أمام العالم كله حقيقة الأطماع التركية فى سوريا وفى منطقة شرق البحر المتوسط بشكل عام.. فإنه أيضا يمثل حلقة جديدة من مسلسل صراع الأجندات الأجنبية والمخططات الصهيونية فوق الأراضى السورية.. والتى اتخذت من انهيار الوضع الأمنى فى سوريا منذ عام 2011 ذريعة للوجود العسكرى الخارجى بزعم محاربة التنظيمات الإرهابية.. وهو ما يتمثل فى الوجود العسكرى الأمريكى والروسى والإيرانى والتركى والبريطانى، بالإضافة إلى ميليشيات «حزب الله» الموالية لإيران.

وسوف يظل وجود هذه الجيوش الأجنبية، المدعومة بأموال بعض الدول العربية، عقبة فى طريق أى حل سلمى أو حتى عسكرى يحفظ للسوريين سيادتهم وأرضهم ويعيدهم إلى وطنه من أراضى الشتات.. وهو ما أكده بالأمس الرئيس الروسى فلاديمير بوتن بقوله « إن سوريا لا بد من أن تتحرر من الوجود العسكرى الأجنبى».. لكنه رهن ذلك بوجود قيادة سورية جديدة.. ورغبة هذه القيادة فى إنهاء الوجود الأجنبى.. وأيضا استعداد باقى الأطراف للخروج من الأراضى السورية.

•• فهل يقبل بشار الأسد والسوريون بقيادة جديدة؟.. وهل تقبل جيوش الأجانب إنهاء وجودها فى سوريا؟.. وإذا كان الأمر كذلك فمن الذى يبدأ أولاً؟.. تلك هى المسألة.. بل قل: تلك هى المعضلة السورية.. !!