رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

لله والوطن

 

 

 

مشكلة بعض من ينتسبون إلى القوى السياسية المدنية أنهم مازالوا غير مدركين لحقيقة حجمهم الضئيل وتنظيمهم الضعيف المهلهل.. بعد أن أسقطت 25 يناير وما تلاها من انتخابات آخر أوراق التوت التي كانت تستر عوارتهم.. فظهروا على حقيقتهم.. وبحجمهم الطبيعي.. حين التهمهم تنظيم الإخوان الإرهابي في الانتخابات.. وفشلوا في صياغة خطاب سياسي يقنع الناس باختيارهم.. كما أن هؤلاء مازالوا غارقين.. ومستغرقين في أوهام المدينة الأفلاطونية الفاضلة التي يحكمها ويمتلك قرارها الفلاسفة والحكماء.. أو بالأصح المتفلسفون ومتصنعو الحكمة.. فينشغلون بحذلقاتهم وطنطناتهم ومبارزاتهم الكلامية بينما تمطر السماء فوقهم سهامًا وحرابًا وصواريخ ودانات وقنابل.. من كل صوب وحدب.. فيصرخون: أين هؤلاء «العسكر» ليصدوا عن رؤوسنا هذه النيران؟!.

•• هؤلاء

تحدثهم الآن عن أن كل قوى الشر والشياطين في العالم قد تكالبت على مصر من أجل جرها الى حرب تستنزف قواها وتستهلك جيشها العتيد العنيد الذي يجهض أحلامهم ومشروعاتهم.. ويمثل الصخرة المنيعة التي تنكسر فوقها مؤامراتهم الشيطانية لحرق كل الأراضي العربية وإعادة تقسيمها وفقًا لمخطط «سايكس بيكو الجديد».. والدليل على ذلك التعنت والتلاعب الأحمق الذي أبداه الجانب الأثيوبي فجأة في مفاوضات سد النهضة.. استقواء بالسلاح الإسرائيلي وبالمال القطري اللذين يبذلان مساعي محمومة من أجل إشعال أتون الحرب في منطقة حوض النيل.. ولا هدف لهم من ذلك إلا الإضرار بالدولة المصرية وإنهاك جيشها.. إذا ما اضطرت إلى اللجوء لخيار القوة من أجل حماية أمنها المائي الذي يمثل بالنسبة لشعبها «قضية حياة ووجود».  

والدليل على ذلك أيضا هو هذا الاستفزاز التركي والتحرش المتكرر بمصر.. سواء عن طريق الخطاب المعادي السافر الذي يمثل تدخلا مباشرا في شئون مصر الداخلية.. وتكرار ذلك على لسان الرئيس التركي الإخواني وفي خطاباته الرسمية أمام المحافل الدولية.. كالأمم المتحدة وغيرها.. أضف الى ذلك تبني النظام التركي ودعمه لعصابات الإرهاب والتخريب المادي والمعنوي التي اتخذت من أنقرة منصة عمليات لهجماتها الموجهة الى بلادنا.. ثم تحركاتهم العسكرية في عمق مياه البحر المتوسط وبالقرب من المياه الإقليمية والمنشآت النفطية المصرية والقبرصية واليونانية.. وانتهاكهم للثروات البترولية للدول الثلاث التي تربطها اتفاقية دفاع مشترك قد تدفعها دفعا الى مواجهة عسكرية دفاعا عن سيادتها وثرواتها إذا ما واصل الأتراك عبثهم وإصرارهم على إجراء الاستكشافات النفطية في داخل الحدود البحرية الاقتصادية لهذه الدول.

ويحدث ذلك بينما يواصل جيش مصر انخراطه في معركة حقيقية وطويلة ضد عصابات ومرتزقة الإرهاب في شمال سيناء وفي الصحراء الغربية على طول الخط الحدودي مع ليبيا.

•• نقول لهم:

إن مصر لن تبتلع الطُعم ولن تنقاد إلى «فخ الحرب» الذي ينصبه أعداؤها من حولها.. فيردون بخطب حنجورية نارية عصماء.. ويتساءلون في جهل مطبق: وماذا تفعل الجيوش إن لم تحارب؟.. وهل فائدة الجيوش تخزين السلاح فقط؟.. ولماذا لا يحارب الجيش المصري إثيوبيا وإسرائيل وتركيا وقطر ويقضي عليهم جميعا ويزيلهم من خريطة العالم؟!.

هكذا يتوهمون الأمر بكل بساطة وسذاجة.. في زمن تسوده علاقات متشابكة وبالغة التعقيد.. ووسط عالم يكاد ينفجر بحروب مدمرة بين جيوش دوله«المستقوية والمستكبرة» التي تنتشر شرقا وغربا مدججة بأخطر أسلحة الدمار والخراب في محاولة لإيجاد مواضع أقدام لها على الأرض في خريطة التوازنات العسكرية والاقتصادية والسياسية التي يعاد تقسيمها من جديد.. وهو ما خلق صراعات أسقطت ملوكًا ورؤساء وسلاطين وأزالت دولا ودمرت حضارات وشردت شعوبا.. وما حدث في العراق وسوريا وليبيا واليمن ليس ببعيد.

•• نلاحظ

أن هناك من يعتقدون أن إعلان مصر وصول مفاوضات سد النهضة مع الإثيوبيين الى طريق مسدود.. هو إعلان حرب.. سيليه خروج طائرات الرافال من حظائرها لدك حصون الأحباش (!!).. وهو تصور ينافي الواقع تماما.. وفهم خاطئ لتصريح الرئيس السيسي بأن «الدولة المصرية بكل مؤسساتها ملتزمة بحماية الحقوق المائية المصرية في النيل».. دون النظر الى باقي التصريح وتأكيد الرئيس على أن مصر «مستمرة في اتخاذ ما يلزم من إجراءات على الصعيد السياسي وفي إطار محددات القانون الدولي لحماية هذه الحقوق».

الأمر إذن محسوم.. وأن قضية سد النهضة هي «قضية سياسية بامتياز».. لن تحلها الطائرات والقنابل والصواريخ.. ومازال لدى مصر الكثير من البدائل والأوراق والمسارات والأساليب والطرق السلمية والدبلوماسية.. التي تستطيع اللجوء اليها من أجل الضغط على الطرف الإثيوبي وإجباره على التخلي عن سياسة الاستقواء وفرض الأمر الواقع في هذا الملف الخطير.. وهو ما بدأته مصر بالفعل بإقدامها على تدويل القضية ودعوتها المجتمع الدولي من أجل تحمل مسئوليته لنزع فتيل هذه الأزمة.. وأيضا بدعوتها إلى تدخل طرف دولي رابع في المفاوضات.. وهو ما أيدته ودعمته الولايات المتحدة.. ورحبت مصر بهذا التأييد.