عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

خارج السطر

أحب جمال الغيطانى ويوسف إدريس والفاجومى أدبا وإبداعا وكتابة، وأكره تطرفهم وجنوحهم إلى التخوين والشماتة فيما يخص الرئيس الأسبق أنور السادات.

لم يكن الرجل خائنا، كما زعموا. أنهى ارتهان أرض مصرية، رسم ملامح نصر عظيم، واجتهد فى إصلاح مشهد متردى، وسعى إلى انفتاح سياسى واقتصادى يُعيد لمصر ألقها الغائب، وسواء أصاب أو أخطأ فلا يجوز تكفيره أو تخوينه أو استحلال دمه.

لكن بعض المثقفين يبلغ بهم الشطط فى الخصومة مبلغه، فيعتدون على مناهج التاريخ، ويتناسون قيم النبل، والتسامح، ويستحسنون القبح إن كان سينال من خصمهم.

أقرأ ذلك بحزن فى كتاب «التجليات» لجمال الغيطانى، إذ يرى الكاتب فى تجلياته طائرا يدنو منه فيصفه بأنه ضياء خالص ونور صرف، وعندما يكتمل يصيح فيه «أنت أنت» ثم يقول: «لم أعرفه سوى فى صور المحاكمة المرئية والمطبوعة، متدثرا بالبياض، أو فى الهجوم يندفع فى قلب النهار، ومعه صحبة صدورهم عارية يقتحم المنصة ليخلص زمنا وينقذ أمة.. » إلى أن نكتشف أن ذلك الطائر هو خالد الإسلامبولى قاتل السادات وهنا يقول له فى حنان عظيم «خالد تكلمت أنا وفعلت أنت. تمنيت أنا وتمنى غيرى وأديت أنت».

أما يوسف إدريس فقد كتب سنة 1983 سبعة مقالات فى جريدة القبس الكويتية جمعها فيما بعد فى كتاب بعنوان «البحث عن السادات» اعتبره فيها خائنا لمصر وللأمة العربية. ووصلت كراهية «إدريس» للسادات أن يقول عليه واصفا «رجل ليس لديه خارج قدرته على الغدر بارقة ذكاء واحدة». ثم يشمت فى قتله قائلا «إن مصرع السادات بتلك الصورة يمثل نهاية النهاية وتنفيذ حكم الإعدام فى الخائن».

وذلك أحمد فؤاد نجم يكتب ممجدا القاتل فى قصيدة تفوح بالشماتة والجموح غير الإنسانى فيقول «أصل الحكاية ولد/ فارس ولا زيه/ خد من بلال ندهته/ ومن النبى ضيه/ ومن الحسين وقفته/ فى محنته وزيه/ خالد: يابن الربيع والأمل/ والشمس والزينة/ مين يا فتى أعلمك/ فعل الخريف فينا/ وكبرت بره الزمان / اللى ابتلاك بينا».

وما كان السادات مقامرا أو خائنا أو عميلا، وإنما رجل عظيم لم يأخذ حقه، ولم ينل ربع مقدار الزعيم الصوتى الذى ترك هزيمة وخراب، ونظرة واحدة على الجولان تُنبئك بعظم ما فعله السادات حربا وسلاما.

واستشهد السادات غدرا، ظلما، إرهابا. كُفّر بهتانا، وخوّن خطأ، ورحل عن دنيانا إلى مليك عظيم يقضى القضاء الأعدل، وما كان يصح لمبدعين خاصموه أو خاصمهم أن يُعظموا الإرهاب، ويشمتوا فى القتل، ويهللوا لمهووس دينى لا يكن أى إحترام للإبداع والفن ولا يراهما سوى رجس من عمل الشيطان.

على أى حال تُسقط كلمات الشعراء والأدباء أمام الواقع الفعلى، وما فعله السادات ما زال أقوى وأبقى مما كتبه معارضوه. ورحم الله محمود درويش الذى كتب يوما: «لا تكتب التاريخ شعرا/ فالسلاح هو المؤرخ».

والله أعلم.  

 [email protected] com