عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

لله والوطن

 

 

 

تُذكِّرنا أزمة مفاوضات سد النهضة الحالية بمشهد أرى أنه ظل يشكل لغزا حتى اليوم.. وأنه قد آن الأوان لفهمه فى إطاره الصحيح.. بعيدا عن كل التفسيرات الهزلية والكوميدية التى أحاطت به طوال السنوات الست الماضية.

•• ذلك المشهد

عندما جمع الرئيس الإخوانى المعزول محمد مرسى مجموعة من مستشاريه السياسيين.. وبينهم رؤساء أحزاب وممثلو قوى سياسية.. داخل قصر الاتحادية فى بداية شهر يونيو 2013 لمناقشة واحدة من أكبر وأخطر قضايا الأمن القومى المصرى.. والتى تخص استراتيجية الدولة لمواجهة خطر العطش والجوع وشح المياه الذى يتهدد الشعب بسبب إقدام إثيوبيا على بناء «سد النهضة».. فى تحدٍّ سافر لإرادة مصر واعتداء على حقوقها القانونية والتاريخية فى مياه النيل.. بينما لم يكن هؤلاء التعساء يعلمون أن «مرسي» نصب لهم فخًا.. وأذاع الحوار الذى دار هذا الاجتماع على الهواء مباشرة فى القنوات التليفزيونية الفضائية دون علمهم.. لتتابع كل دول العالم تفاصيله المذهلة.. بما فيها اثيوبيا نفسها..!!

دار الحوار بين الرئيس و«مستشاريه».. وتباروا فى إظهار براعتهم فى وضع الاستراتيجيات «الجهنمية» لإثارة الرعب فى نفوس الأعداء الحبشيين، لإرغامهم على وقف بناء السد.. انبرى أحدهم بفكرة شيطانية تقوم على إثارة الشائعات حول امتلاك مصر أسلحة رادعة ستجبر الإثيوبيين على الإقامة الدائمة فى حمامات بيوتهم من شدة الخوف.. واقترح آخر أن «نجمع من كل رجل قبيلة» على رأى الممثل الكوميدى محمد سعد، فيضربوا كفار الحبشة بسيوفهم.. فإذا قتلوهم تتفرق دماؤهم بين قبائل افريقيا.. وباقى الاقتراحات على هذه الشاكلة!!

•• يومها

كتبت مقالا شبهت فيه هذا الموقف بما حدث فى الفيلم الكوميدى «الكيت كات».. عندما جلس الشيخ حسنى الضرير «محمود عبدالعزيز» وسط رجال الحارة.. داخل سرادق العزاء بعد انتهاء القارئ من تلاوة ما تيسر من القرآن الكريم على روح الفقيد.. ولم ينتبهوا جميعًا إلى أن الميكروفون مازال مفتوحًا.. ودار حديث بينهم، كشف فيه «الشيخ حسني» عورات كل أهل الحارة وعلاقاتهم السرية المتشابكة.. بينما كان أبطال هذه الحكايات الفاضحة يطاردهم صوت الشيخ الضرير عبر الميكروفون.. ويهرولون وسط الحارة وهم يصرخون: «الله يخرب بيتك يا شيخ حسني».. لأنه فضح المستور!!

وقلت إننى أرى: أن هذه المهزلة لم تحدث عن حسن نية.. أو انعدام خبرة.. لكن أكاد أجزم انها تم التخطيط لها مع سبق الاصرار والترصد، بهدف إيقاع رؤساء الأحزاب وممثلى القوى السياسية فى شرك الأزمة التى أظهرت تمامًا عجز مؤسسة الرئاسة ونظام الإخوان، فى التعامل مع مثل هذه القضايا الخطيرة التى تكشف ضآلة حجمهم وافتقادهم للكفاءات والخبرات والكوادر الحقيقية للحكم.. لكن «المراهقين» من عشيرة الرئيس وأهل ثقته وفريقه الرئاسى الذين خططوا لهذا الفخ.. لم ينتبهوا.. ولم يسعفهم ذكاؤهم المتواضع على إدراك أنهم بذلك قد وضعوا «مرسي» ومصر كلها كدولة فى موقف بالغ الحرج والخطورة.. لأن ما حدث على الهواء هو جريمة دولية كاملة.. تعطى الحق لإثيوبيا فى ملاحقة مصر قضائيًا وإعلاميًا وفى المحافل الدولية، بتهمة التآمر ضد دولة خارجية والتخطيط لشن حرب ضدها.. علنًا وعلى الهواء مباشرة.

وتساءلت: هل تفعلها إثيوبيا؟!

•• واليوم

أرى أننى كنت «ضيق الأفق» فى رؤيتى للمشهد.. وظنى أنه كان مجرد فخ لتوريط من حضروا الاجتماع.. وأن من نظموا الاجتماع لم ينتبهوا إلى أنهم قدموا بهذا الحوار سلاحا إلى الجانب الإثيوبى يستطيع أن يضعه فى صدورنا.

الصحيح هو أن مرسى وجماعته الخائنة قد تعمدوا إرسال هذه «الهدية» إلى الإثيوبيين.. فالاجتماع تم عقده بعد أيام قليلة من زيارة مرسى إلى أديس أبابا التى شرعت اثيوبيا بعدها بـ 24 ساعة فى تحويل مجرى مياه النيل وبناء السد.. وهو ما وضع مرسى فى حرج شديد.. وأدخله دائرة الاتهام بعقد «صفقة» مع الإثيوبيين.. تلك الصفقة التى فضحتها بعد ذلك الصحافة الاثيوبية.. إذ ذكرت صحيفة «نازرت» أن مرسى وافق على بناء سد النهضة وبدون تصعيد من جانبه ومن جانب حكومته فى مقابل صفقة تبلغ قيمتها مليار دولار، كثمن الموافقة على بناء السد.. وتحدت الصحيفة الأثيوبية الرئيس المعزول بأن يقوم بنفى الخبر.

•• تقديرنا

 الخائن مرسى تعمد أيضا عن طريق اجتماع الاتحادية الشهير أن يمنح الاثيوبيين دليلا على أن مصر تدبر عملا عسكريا ضدهم ولا تستبعد خيار نسف السد بعمل عسكرى.. كجزء من صفقته معهم.. وهو ما استطاعت أديس أبابا استغلاله بالفعل ماديا فى الحصول على التمويلات اللازمة لبناء السد من جانب دول معادية لمصر.. وعسكريا بالحصول على أسلحة لحماية السد.. وتمثل ذلك فى منظومة الدفاع الجوى التى أمدتهم بها إسرائيل.. والتى كانت وراء تبجحهم الحالى وتعنتهم فى المفاوضات ومحاولتهم لى ذراع مصر وفرض الأمر الواقع عليها.