رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

لله والوطن

سيظل انهيار منظومة التعليم الرسمى واحدا من أهم أسباب عناء الأسر المصرية وانخفاض مستوى معيشة أفرادها وشعورهم الدائم بالظلم والغبن الاجتماعيين.. بسبب تفاقم مشكلة الدروس الخصوصية التى تلتهم النسبة الأعظم من ميزانيات الأسر على حساب الإنفاق على باقى احتياجاتهم الحياتية.. فى ظل انعدام دور المدرسة التى حل محلها مراكز الدروس الخصوصية التى تحولت من وسيلة لتقوية بعض الطلاب الضعاف إلى مافيا فشلت كل جهود وزارة التعليم فى مواجهتها.. وأصبحت المدرسة مجرد مبنى موسمى لا يعمل إلا وقت أداء الامتحانات.. بينما يغيب عنها الطلاب والمدرسون والنشاط التعليمى بشكل عام طوال أشهر العام الدراسى.. رغم كل «اسطوانات التطوير المشروخة» التى لم نجن من ورائها أى خير.. أو يتحقق منها أى إصلاح حتى الآن.

•• نسمع قصصا وحكايات

عن أسر تضطر إلى إنفاق آلاف الجنيهات شهريا.. بمتوسط 3 آلاف جنيه شهريا على الطالب الواحد.. أجرا للمدرسين الخصوصيين.. وربما يضطر هؤلاء إلى حرمان أنفسهم من أنواع كثيرة من الطعام أو الكساء أو العلاج.. لتوفير الأموال لأبنائهم.

ونسمع أيضا عن أرقام فلكية تحققها مراكز الدروس.. ويحققها المدرسون أيضا.. بمتوسط قد يصل إلى 120 ألف جنيه يوميا للمدرس الواحد.. فلو فرضنا بحسبة بسيطة أن مدرس السنتر يقوم يوميا بالتدريس لـ 4 مجموعات.. وتضم كل مجموعة 300 طالب.. يدفع كل منهم 100 جنيه للحصة الواحدة.. فهذا يعنى أن هذا المدرس يحقق 120 ألف جنيه يوميا.. وما خفى كان أعظم!!.

•• الأرقام المتاحة تقول:

وفقا لدراسات غير رسمية: إن 42.1% من إنفاق الأسرة فى مصر يذهب إلى الدروس الخصوصية.. وإن الأسر المصرية تنفق نحو 24 مليار جنيه سنويًا على مراكز الدروس الخصوصية رغم ارتفاع معدلات الفقر.. ويدفع الطالب نحو 100 جنيه فى الحصة الواحدة (فى المتوسط)، وقد تصل إلى 300 جنيه فى الثانوية العامة.

كما أن استطلاع رأى أجراه مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار التابع لمجلس الوزراء.. كشف عن أن نحو 84% من طلاب المراحل قبل الجامعية فى عام 2017 يتعاطون الدروس الخصوصية.

وفى تقديرنا أن هذه الارقام لم تتغير.. أو ربما تكون زادت الآن.. بينما لم نسمع من وزير التعليم صاحب مشروع التطوير العظيم الا عبارات جوفاء مثل انه « لن يغلق السناتر ولكنه سيترك ظاهرة الدروس الخصوصية تجف وتنتهى بنفسها».. وأن «النظام التعليمى الجديد سيجعل التعليم حقيقيا داخل المدرسة وسيؤدى ذلك للقضاء على ظاهرة الدروس الخصوصية تلقائيا».

•• وللأسف

لم تتحقق وعود الوزير.. فلم تقدم المدارس تعليما حقيقيا.. ولم تجف ظاهرة الدروس الخصوصية.. بدليل التصريحات المحزنة والمحبطة التى جاءت فى اللقاءات الإعلامية مع أوائل الثانوية بجميع تخصصاتها فى العام الدراسى المنقضى.. والذين أكدوا جميعا أن سر نجاحهم هو الدروس الخصوصية بتكلفة تصل إلى نحو 3000 جنيه شهريا وبالمذاكرة المنزلية والانقطاع التام عن حضور الفصول الدراسية (!!)

«وكأنك يا أبو زيد ما غزيت».. نفس المصيبة.. ونفس الفشل.. الطلبة غائبون.. والمدارس مغلقة.. والمدرسون يمتصون دماء وأموال أولياء الأمور المغلوبين على أمرهم.. ولا فرق بين «زيد» و«عبيد» من الوزراء والمسئولين الذين لا نسمع منهم الا «النظريات» و«الافتكاسات».. ويظل الحال على ما هو عليه.

•• قلنا.. مرارا وتكرارا:

لا معنى لأى جهود أو أفكار تطوير للتعليم ما لم تؤد إلى عودة الطلبة والمدرسين إلى المدارس.. ووضع نظم تعليمية تغنى عن الدروس الخصوصية.. وإصلاح رواتب المدرسين.. مع فرض رقابة صارمة وتفعيل اللوائح المنظمة لعملهم وإنزال العقاب الرادع بالمخالفين.. فبغير ذلك لا أمل فى الإصلاح.

إن مشكلة انهيار منظومة التعليم هى فى حقيقتها قضية تتعلق بأمن الوطن وأمان المواطن وشعوره بجنى ثمار سنوات الإصلاح الاقتصادى.. وانتشاله من بين براثن غول الفقر والعوز.. فالتعليم الفاشل يلتهم كل ثمار الإصلاح التى قد تكون تحققت أو ستتحقق فى المستقبل.. كما أنها مشكلة أكبر من أن تحل بتغيير أشخاص.. أو بتعديل نظم الامتحانات.. أو بإصدار قرارات وزارية عنترية.. عشوائية.. لا يلتزم أو يعمل بها أحد.

•• ولابد

أن يبدأ العلاج من الرأس.. بثورة تعليمية كبرى.. وبتوظيف كل امكانيات الدولة من أجل تحقيق هذا الهدف.. وبأن يكون التعليم هو القضية الأولى فى قائمة اهتمامات الحكومة.. تشكل من أجله مجموعات وزارية ولجان علمية دائمة.. لا تنشغل الا بالعمل على بناء منظومة تعليمية حديثة تنقذ الناس من الفقر.. وتنتشل الأجيال الحالية والقادمة من بين براثن الجهل والفشل.. وليكن ميثاق عمل هذه اللجان أنه لا نجاة لهذا الوطن مما أصابه من فساد وتجريف وانحطاط وانهيار.. إلا بإصلاح التعليم إصلاحا حقيقيا كاملا.. وليس ترميما فاشلا كالمعتاد.