رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

لله والوطن

على هامش الجلسة المهمة التى عقدها المؤتمر الوطنى للشباب أمس حول تأثير نشر الأكاذيب على الدولة فى ضوء حروب الجيل الرابع.. نرى أن هناك إشكالية مهمة ينبغى بحثها.. وهي: لماذا يصدق الناس الأكاذيب؟.. ولماذا يشككون فى صدق محاولات تصدى الإعلام لها؟

بداية نقول: إن الشك وهم صادر عن عقل مريض ونفس متعبة.. تنبت بذوره دائمًا من أفعال بسيطة عابرة.. قد تبدو غير ذات قيمة وقت وقوعها.. لكنها عندما تُترك وتُهمل.. تنمو وتتضخم.. وتتحول إلى حالة مرضية مزمنة من انعدام الثقة فى كل شىء.

•• منبع الشك

هو طريقة التفكير الخاطئ.. أو الشعور بالنقص لأسباب نفسية واجتماعية.. وقد ينتج الشك عن تفسير مغلوط ومعيب أو متسرع لما يواجهه الفرد من مواقف ومشكلات.. فيؤدى ذلك إلى رفض غير منطقى لمواقف الآخرين.. بل ورفضهم أنفسهم.. وقد تكون الشخصية «الشكاكة» هى فى الأصل شخصية مضطربة أو «ناقصة» فشلت فى تحقيق بعض مما تريده.. فنشأ لديها إحساس بأنها غير جديرة بالنجاح.. وأن الآخرين ينظرون لها نظرة سلبية.. فتتجه إلى الشك فى كل نواياهم.. وتدمن الإساءة لهم.. هكذا تحدث علماء النفس والاجتماع.

 

•• وعندما

تغيب الحقائق وسط أمواج متلاطمة من الأوهام والأكاذيب والزيف والزور والافتراء والبهتان.. يفقد الإنسان إحساسه بالطمأنينة والأمان.. ويشك فى كل شىء.. ويفقد ثقته فى الجميع.. قل لى: هل يوجد لدى واحد منا يقين كامل بكل ما عشناه من أحداث جسام وتغيرات طوال سنوات اللا استقرار السياسى التى تلت يناير 2011 والتى مرت على الوطن وكأنها قرون طوال؟

 

•• من الذى فعل ذلك بنا؟

عندما تتحول منابر الإعلام إلى بؤر فساد وتدمير وتخريب.. يديرها الموتورون والمغرضون وتجار السياسة ومنعدمو المواهب والضمائر والشرف.. وتصبح معاقل العلم والثقافة والوعى والمعرفة، منصات لإطلاق الشائعات والأكاذيب والأباطيل وبث سموم الحقد والبغض والكراهية.. وعندما يُساق الناس كقطيع دليله أعمى داخل فضاء «السوشيال ميديا» والحياة الافتراضية التى هى فى واقعها سلسلة لا متناهية من حلقات الكذب والتضليل والتغييب والاستغلال السياسى.. بل وساحة للإرهاب الفكرى والنفسى والاجتماعى.. عند ذلك تسود الشكوك.. وتموت الثقة فى النفوس.

•• أيضاً

عندما تتحول ساحات المساجد إلى أوكار وخلايا للإرهاب والتطرف والتكفير والاستقطاب وزعزعة العقائد.. وتنقلب منابرها إلى أبواق للتحريض على القتل والتدمير والتخريب وسفك دماء وإزهاق أرواح الأبرياء تحت عباءة «فريضة الجهاد».. وينقلب الدين من غذاء للأرواح ونهج للتعايش وأداة لنشر العدل والخير والسلام والرحمة والمحبة.. إلى وبال وشقاق وشقاء وابتلاء وعناء.. عند ذلك أيضًا تغيب الثقة.. وتحضر الشكوك.

 

•• وحينما

 

يتخاذل الرجال خوفًا أو جبنًا أو استسلامًا.. وعندما يجرى التغييب العمدى والإقصاء والاغتيال النفسى والاجتماعى للشرفاء والعلماء والخبراء والصفوة.. أو عندما يتوارون هم أنفسهم ويتقاعسون عن تحمل مسئولياتهم تجاه الوطن والمجتمع.. ويذل الحرص أعناقهم.. فيتركون ساحات العمل للغوغاء والرعاع والسفهاء.. ليتكلم التافهون فى أمر العامة.. وتعلو أصواتهم وتسود أفكارهم.. عندها لا نسأل أنفسنا: لماذا تسود بيننا الشكوك وانعدام الثقة فى كل شىء.

 

•• كثيرًا

 نبهنا الى ما يقع فيه الناس من حيرة وشكوك.. وما يتعرضون له من حملات تشويه وتوجيه وتلاعب بعقولهم وأفكارهم.. من جانب جهات معروفة للجميع تجيد استخدام أخطر سلاح من حيث التأثير والفاعلية والتدمير الآن.. وهو سلاح «السوشيال ميديا» أو مواقع التمزيق الاجتماعى المعروفة كذبا باسم «التواصل الاجتماعي».. وذلك فى ظل بطء الخطاب الإعلامى الرسمي.. والاعتبارات الأمنية التى تؤدى إلى ذلك.. حيث تصدر البيانات الرسمية عن هذه الأحداث متأخرة جدا.. وبعد أن يكون الرأى العام قد تعرض لجرعات مكثفة من الأكاذيب والتضليل المتعمد الذى يصعب علاجه أو محو تأثيره فيما بعد.

•• ومن هنا

نؤكد مرة أخرى خطورة ما يحدث من ترك الناس فريسة لهذا التضليل المتعمد.. وضرورة تعامل الجهات الرسمية إعلاميًا مع الأحداث بشكل أكثر وعيًا وسرعة.. وإدراكًا لأن التأثير السلبى الذى يتركه بطء هذا التعامل يكون أكثر خطورة من أى اعتبارات أخرى تحرص هذه الجهات على مراعاتها.

•• ولنعلم.. أن لا طريق لإعادة بناء الثقة بين الناس إلا بالاحترام.. احترامنا لأنفسنا أولًا.. وبقدر احترامنا للآخرين نكتسب ثقتهم.. ونتجنب شكوكهم.