رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

لله والوطن

مازالت الانسانية بكل تعاريفها تقف عاجزة، أمام النزاع المسلح فى سوريا وصعوبة تقديم استجابة إنسانية تتسم بالحياد وعدم التحيز تجاه السكان المدنيين، حيث المعاناة اليومية مع قوانين عالم القطب الواحد، حيث تضع الولايات المتحدة تفسيرًا للقانون الدولى الإنسانى فى العمليات القتالية التى تشارك فيها وفق هواها. فلا عجب إذا أن تصنيفها للنزاع فى سوريا أنه نزاع مسلح غير دولى! رغم أن آثار المعارك الحربية الضارية أكثر وضوحًا من حيث الدمار الذى أصاب البنية التحتية، ونزوح السكان، وتعطُّل الخدمات الاجتماعية، والصعوبات المتزايدة فى تقديم المساعدات الإنسانية.

ألم يسمع هؤلاء بما كان يحدث فى الغوطة الشرقية خلال فترة القصف الشديد، حيث الدمار يحيط بكل شئ، والسكان يلوذون بالطوابق السفلية لأسابيع حاملين معهم القليل من الطعام والمياه والدواء. وكثيرا ما عجز المرضى عن الحصول على العلاج، وحرمت العائلات من تناول وجباتها والخوف من القنابل المميتة كان يقع فى قلب الجميع طوال الوقت. إلى جانب أن مهاجمة المستشفيات لم تعد تعتبر أمرًا محظورًا. ألا يعد هذا بمثابة المأساة الدولية.

وللأسف أن كل الأطراف فى سوريا تمارس الأعمال الحربية على نحو ينتهك مرارًا القانون الدولى الإنسانى ومبادئ التناسب والحيطة والتمييز. والنتيجة هى آثار هائلة وعميقة على المدنيين. وأن حجم الدمار فى سوريا يجعله استثنائيًّا خارقًا للعادة؛ فمستويات معيشة الناس تدهورت بشدة عما كانت عليه قبل الحرب، وقد تهدَّمت مرافق البنية التحتية المادية للبلاد، بل وتمزَّقت أيضًا أوصال النسيج الاجتماعى.

ما من عائلة فى سوريا إلا وقد تأثَّرت بهذا النزاع، والنظام الصحى فى حالة انهيار، وأنظمة المياه والصرف الصحى والتعليم تعانى من أزمة عميقة. وتعيش العائلات فى حزن على ذويها المفقودين أو المحتجزين، ويشب الأطفال دون معرفة أن هناك حياة خالية من الحروب، وللأسف من بين الآثار التعيسة للحرب على أطفال سوريا التوتر النفسى والعنف والقسوة والإصابات وبتر الأطراف. وسيحتاج هؤلاء الأطفال إلى رعاية طويلة الأجل لاستعادة صحتهم البدنية والعقلية. ومع ذلك فإن كل نشاط إنسانى فى سوريا مرتبط ارتباطا مباشرًا بالأجندات السياسية للأطراف الفاعلة المنخرطة فى النزاع، بل وليس الأطراف الفاعلة السورية وحدها، وإنما أيضًا أطراف إقليمية ودولية.

وبالطبع المفهوم التقليدى للفصل بين الأبعاد الحيادية والإنسانية والسياسية يصعب كثيرًا تحقيقه والتحكُّم فيه فى سياق تكون فيه القضايا الإنسانية مطروحة فى نفس الوقت على جدول أعمال مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، والاجتماعات الثنائية للقوى الكبرى فى جنيف وأنقرة.

لقد شهدت الحرب فى سوريا انتهاكات لبعض من أهم المبادئ الأساسية للقانون الدولى الإنسانى مثل الهجمات على الهلال الأحمر العربى السورى ومنظمات إنسانية أخرى، وعلى الرعاية الصحية، وعلى الرغم أنه من الخطأ الاعتقاد بأن القانون الدولى الإنسانى يُنتهك دائمًا، ومن ثمَّ لا فائدة منه. لكن الواقع هناك يؤكد أن تكاليف ومنافع سياسية ومادية وأخرى لا تتصل بالمصداقية هى المسيطرة على الموقف. وبإيجاز، المطلوب هو قراءة متوازنة من أجل اختراق هذا النشاز العام الذى يأتى من النظرة الأحادية للأمور. مع الأخذ فى الاعتبار أن النزاع السورى لا يمكن حله عن طريق الفاعلين فى الحقل الإنسانى. فالديناميت السياسى الكامن للنزاع تسببت فى مشكلات إنسانية، واستجابة العاملين فى الحقل الإنسانى لا يمكن أن تحل تلك المشكلات الكامنة. يجب أن يكون المجتمع الدولى فى نهاية المطاف قادرًا على خلق الإرادة السياسية وإعادة تفعيل الآليات السياسية اللازمة لحل بعض المشكلات الكامنة. وبالطبع توجد سبل كثيرة لتوسيع نطاق تطبيق القانون الدولى الإنسانى، لكن ذلك لن يحدث من تلقاء نفسه. إننا بحاجة إلى استراتيجيات للتفاعل والتشجيع والتواصل لإظهار جدوى القانون الدولى الإنسانى كأداة عملية لتنظيم سلوكيات الفاعلين فى الوضع الشائك للحرب.