رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

رؤى

 

 

المتابع لكتابات الجاحظ، يضع يده بكل بساطة على إشكالية احتلت مساحة كبيرة من تفكيره ومن كتاباته، وهى علاقته الشائكة بكتاب ونقاد عصره، فقد كانت شديدة التعقيد، مشحونة بالكراهية، والدسائس، والتشويه، ووصلت إلى حد التسفيه، والسخرية، ووضع الكتب بأسماء الغير، وقد أشار العديد من الباحثين إلى هذه الخصومة مثل: د.طه الحجرى، وحسن السندوبى، وشوقى ضيف وغيرهم.

والواضح من كتابات الجاحظ أنه كان يقلل وبعنف من شأن معظم معاصريه، كانوا من النقاد، أو الرواة، أو حتى كتبة الأمراء والسلاطين، ومؤلفات الجاحظ مليئة بفقرات مدببة غرسها فى لحم خصومه، فقد طعن فى حجم وقيمة وكرامة العديد من الشخصيات المقربة للحكام، ووصل فى خصومته إلى حد تأليف كتب ورسائل ووضع عليها أسماء بعض الشخصيات الراحلة، وذلك لكشف خصومه والسخرية منهم، وإظهار جهلهم.

لكن أهم ما يلفت الانتباه فى مؤلفات الجاحظ أنه يسخر وبشدة من كتبة الحكام، وحقر من هذه الوظيفة ومن يقبلها، ففى رسالة «فى ذم أخلاق الكتاب»، استهلها بتوضيح هدفه من تأليفها وهو كشف:«رداءة مذاهب الكتاب وأفعالهم، ولؤم طبائعهم وأخلاقهم»، وفى نهاية الرسالة ذم من يقبل هذه الوظيفة بقوله:«لا يتقلدها إلا تابع، ولا يتولاها إلا من هو فى معنى الخادم».

وفى رسالة «التربيع والتدوير» سخر الجاحظ موهبته لتشويه بعض من عملوا بوظيفة كاتب لدى الحاكم من معاصريه، منهم أحمد بن عبد الوهاب، قال عنه:«مفرط القصر ويدّعى أنه مفرط الطول. وكان مربعاً وتحسبه لسعة جفرته واستفاضة خاصرته مدوراً.. كان كثير الاعتراض، لهجاً بالمراء، شديد الخلاف، كلفاً بالمجاذبة، متتابعاً فى العنود، مؤثراً للمغالبة، مع إضلال الحجة والجهل بموضع الشبهة. وكان قليل السماع غمراً، وصحفياً غفلاً لا ينطق عن فكر، ويثق بأول خاطر. يعد أسماء الكتب ولا يفهم معانيها، ويحسد العلماء من غير أن يتعلق منهم بسبب، وليس فى يده من جميع الآداب إلا الانتحال لاسم الأدب».

والشىء نفسه فعله مع محمد بن الجهم البرمكى أحد الكتاب المقربين من المأمون، (ترجم كتاب فى سيرة ملوك الفرس، سبق وترجمه ابن المقفع، وعرف عنه إقباله على الفلسفة اليونانية ــ تاريخ الأدب العربى، بروكلمان) قال الجاحظ عنه فى (فصول لم تنشر من آثار الجاحظ: مجلة الكاتب، عدد 17 سنة 1947، طه الحاجرى): سأخبرك عن هذا الرجل، من لؤم الطبع، وسخف الحلم، ودناءة النفس، وخبث المنشأ، مما يشفى الصدر ويثلجه، ويبين عن الغدر فيه ويكشفه.

كراهية الجاحظ لكتاب الحكام ليست من باب الاستقلالية أو عدم التبعية، بل جاءت حسداً منه لعدم تمكنه من الالتحاق بوظيفة مماثلة، وهو ما نوضحه فى مقالات قادمة.

 

 

[email protected] com