رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

صفحات من الزمن الجميل (17)

- أكيد سوف تسألوننى ماذا فعلت بعد أن سحبت والدة المهندسة المصرية هند صورها من بين يدى وهى تعتذر عن عدم نشر صورها، رغم أنها تعلم أن نشر الصور عن طريق «أخبار اليوم» سيساعد فى البحث عن ابنتها هند فى حادث الزلزال الذى أطاح بالجبل الضخم والذى أرسلت هند صورته فى كارت «بوستال» للأم تطلعها بأنها ستقوم بالاشتراك فى مخيم فوق هذا الجبل، وفجأة ينهار ويبتلع كل من فوقه من أشخاص وسيارات..

- الموقف كان صعباً على الأم وهى تعتذر عن عدم إرسال صور ابنتها كما وعدت الأستاذ مصطفى أمين.. والذى كان سيكلف وكالات الأنباء بالبحث عنها، وكان صعباً أيضًا بالنسبة لى لأن مهمتى فى إحضار الصور قد فشلت..

- خرجت من فيلا والدة هند والحزن ينتابنى، وكما قلت لكم فضلت أن أعود إلى «أخبار اليوم» من المعادى سيراً على الأقدام، أفكر طول الطريق فى كيفية الوصول لصور هند.. لم يبق أمامى إلا أرشيف «أخبار اليوم» والذى كنا ننفرد منه بصور الوزراء الجدد فهو أول أرشيف صحفى فى مصر.. كنا نصنع منه الخبطات الصحفية لأنه يحمل صوراً ومعلومات كل من يأتى اسمه فى الصحف والمجلات.

- وفى بطاقات المعلومات أخذت أبحث عن اسم «هند جلال» المهندسة المصرية التى تدرس فى أمريكا الآن.. وفجأة يأتينى الاسم ومعه رقم ملف الصور، وأطلع عليه وأفاجأ بمفاجأة غير متوقعة، عشرات الصور لها، نسخة من مجلة «الجيل» التى تتصدر صورتها بالألوان غلاف العدد، ولكم أن تتخيلوا كيف كنت سعيداً جداً..

- صعدت إلى مكتب مصطفى بك، فقد كان ينتظر عودتى من المعادى، ورويت ما حدث مع أم هند ولماذا اعتذرت لى.. وإذا بمصطفى بك يتصفح الصور صورة صورة ثم يسألنى كيف جئت بهذه الصور، فأطلعته على اسم ارشيف أخبار اليوم خلف الصور، فكان سعيداً ثم سحب ورقة من الأوراق المسطرة أمامه، وبالعرض يكتب المانشيت «مهندسة مصرية فوق الجبل الطائر فى أمريكا.. الأم فى حالة هلع وجزع وهى تبكى على اختفاء هند.. أخبار اليوم تكلف وكالات الأنباء العالمية بالبحث عن هند وهذه صورها»..

- أعطانى مصطفى بك المانشيت لأسلمه للأستاذ أحمد لطفى حسونة نائب رئيس التحرير، والذى سيكتب موضوع الصفحة الأولى، وجلست بالفعل أمامه وأخذ يسألنى عن معلوماتى فى هذه القصة وكنت سعيداً بهذه الخبطة الصحفية..

- وفى صباح اليوم التالى للنشر، تتصل الأم بالأستاذ مصطفى أمين وتخبره بأن ابنتها «هند» اتصلت بها من أمريكا، بعد أن رأت صورها فى التليفزيون الأمريكى، وكانت البنت قد اعتذرت عن المخيم الذى كان مقررًا إقامته فوق الجبل.. وكادت الأم ترقص فرحاً فى التليفون بوجود هند على قيد الحياة.. وفى نفس اليوم تتصل بى أم هند جلال تشكرنى وتعتذر عما حدث معى، طلبت منها أن تخبر أخاها فى رئاسة الجمهورية وتقول له، بالصور عثرنا على هند.. ظلت الأم تعتذر وتشكر وهى تبكى فرحاً بسماع صوت ابنتها..

- على ما أذكر أن هذه الواقعة كانت يوم خميس، وعادة يجتمع بنا الأستاذ مصطفى أمين صباح الجمعة وهو الاجتماع الأسبوعى لجميع المحررين، وكنت قد فاجأته برسالة ظلت فى يده وهى مغلقة حتى عقد الاجتماع، وكانت الخبطة الصحفية التى حققناها هى حديث الاجتماع.. روى فيها كيف وصل صوتنا إلى أمريكا، وكيف نجحنا فى العثور على المهندسة المصرية والتى كان من المفروض أن تكون فوق الجبل الطائر، وروى كيف نجح صبرى غنيم فى صناعة أكبر خبطة صحفية لمجرد استقباله زائره جاءت إلى «أخبار اليوم» تبكى وهى تحمل قصة.. وهذا هو عمل الصحفى.. بصراحة كنت سعيداً بكلامه.

- وتحدث المفاجأة ويفتح الخطاب الذى أعطيته له.. ويقرأه أمام الزملاء، فقد كان يتضمن استقالتى بسبب تعسف قسم الانتاج معى والذى يسجل أن إنتاجى «زيرو» بينما إنتاجى كان واضحاً للجميع.. وإذا بمصطفى بك يرد على تقارير الإنتاج فى هذا الاجتماع.. ويعلن «أن استقالتى مرفوضة، وتبلغ إدارة الحسابات بمنحى علاوة امتياز شهرية قيمتها خمسة جنيهات تقديراً عن كفاءتى فى العمل، كما أمر بصرف عشرة جنيهات مكافأة لى عن موضوع هند جلال الذى نشر صفحة أولى فى «الاخبار»..

- وطلب مصطفى بك أيضًا.. أن تودع الاستقالة المرفوضة فى ملف خدمتى للاطلاع عليها كلما فكرت فى كتابة استقاله أخرى مستقبلًا..

- وينتهى الاجتماع وأخرج فى زفة بين زملائى.. شفتم صحافة زمان، هل فيه كده عظمة وتقدير الآن..

[email protected] com