رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

صفحات من الزمن الجميل ( 16 )

ــ وتقف السيارة المرسيدس السوداء على باب أخبار اليوم، ويسرع سائقها الأسود بفتح الباب الخلفي لتخرج منه سيدة أنيقة جدا، تتجه إلى مكتب الاستعلامات.

ــ وفهمت أنها راحت تسأل عن الأستاذ مصطفى أمين ويتصل أحمد أنور موظف الاستعلامات بمديرة مكتبه السيدة زينب النحاس والتي تخبره أنه في اجتماع مغلق.. واذا كان هناك موضوع مهم، تستطيع الضيفة أن تكتبه وتترك تليفونها وسوف نتصل بها.. لكن السيدة تصر وهي تبكي على مقابلته شخصيا لأنها في مشكلة ولن يحلها إلا هو، فيتصل بي أحمد أنور لأقابلها لعلى أفعل شيئا لها، وبالفعل تركت مكتبي في صالة التحرير ونزلت اليها، كانت تبكي بحرقة وهي تقول «بنتي.. بنتي.. خلاص ضاعت مني..» فهمت أنها في مأساة.

ــ دعوتها للصعود معي الى مكتبي الذي يتصدر صالة التحرير، وسحبت لها كرسيًا.. جلست عليه وهي تستحلفني بأن أتيح لها الفرصة لمقابلة الأستاذ مصطفى أمين.

ــ سألتها عن الموضوع، فأخرجت كارتا مطبوعا جاءها من ابنتها في أمريكا، وعليه صورة جبل ضخم وعلامة تشير إلى أن ابنتها «هند» سوف تخرج في رحلة مع زملائها في الجامعة لقضاء يومين في مخيم فوقه، والنهاردة الصبح استمعت الأم في الراديو بالزلزال الذي أطاح بهذا الجبل وبلع من فوقه، وأخذت تبكي.. بنتي راحت مني، كان ممكن تكمل فى مصر.

ــ قلت في داخلي «الخبر خطير لا يحتاج الانتظار» فاتصلت بالأستاذ مصطفى أمين على تليفونه المباشر ورويت له الخبر.. دعاني أنا والأم الي مقابلته، وبالفعل صعدنا الدور التاسع وارتسمت على وجه الأم علامات الارتياح.. طرقنا الباب ودخلنا واستقبلنا مصطفى بك وأتاح للأم أن تروي قصة ابنتها «هند جلال» فقالت إنها مهندسة شابة، سافرت الى امريكا لتحصل على الدكتوراه، واذا بالخبر المزعج يصيب الأم بالهلع.. ويطلب مصطفى بك من الأم مجموعة صور لها لكي يرسلها الي «فريد سوزي» مراسلنا في امريكا ويكلف وكالات الانباء بالبحث عنها، لم تمانع الأم بل أبدت تعاونها وتزويدنا بصور هند، فأشار عليها مصطفى بك بأن اذهب معها الى بيتها لتعطيني الصور فرحبت.. طلب مني مصطفي بك أن انزل معها دون أن اعود الى مكتبي كسبا للوقت، المهم أحضر الصور قبل الساعة الخامسة.

- نزلنا الى سيارتها، وسألتها أين تسكن قالت في المعادي.. وطبعا مافيش جنيه في جيبي لأني تركت الجاكيت في مكتبي، وبقيت طوال الطريق أفكر في كيف سأعود وأنا لا أملك ثمن عودتي.. تركت الأمور تمشي حتى وصلنا الي فيلتها ودعتني للدخول معها، وفي صالون غير محدود من فخامته، جلست وأتت لي بمجموعة من الصور والمجلات لابنتها «هند» كنت سعيدا بهذا الكنز، والذي اسعدني أكثر أن أجد نسخة من مجلة «الجيل» التي كانت تصدر عن اخبار اليوم وتتصدر « هند» غلاف المجلة بالألوان يوم أن تخرجت من الهندسة وكانت أول بنت تتخصص في هندسة الصرف الصحي.

ــ استأذنت الأم مني لتعمل تليفونا، ودخلت غرفة مجاورة للصالون وتركتني غارقا في الصور، اختار ما يناسب النشر، واذا بي اسمعها ترد علي من تتحدث معه، أنها ذهبت الي مصطفي أمين لينشر الخبر في العالم ويبحث عن هند، سمعتها ترد ايضا وهي تقول له «طول عمرك في الرئاسة أفهم عملت لي إيه في يوم من الأيام.. فكرني.. هي أوامر وبس..»، وجاءتني تبكي وتسحب الصور من يدي وتعتذر عن إعطائي أي صورة.

ــ قالت لي الذي كان يتحدث معي هو أخي اللواء سعد الدين متولي كبير ياوران الرئيس جمال عبد الناصر.. لقد رفض نشر صور هند في الصحافة وقال لي « إحنا مش عايزين فضايح».. وفي هدوء اعتذرت لي، وطلبت مني أن أعتذر للأستاذ مصطفى أمين ثم قامت بتوديعى حتى باب الفيلا، وتركتها وأنا لا أعرف كيف سأرجع الى مكتبي.

- أخذت الطريق من المعادى إلى أخبار اليوم سيرا علي الأقدام ومن الصدمة كنت حزينا وبدأ الشيطان يعاتبني لماذا وقت ما سمعت حوارها مع شقيقها لم أخفِ صورة أو صورتين في ملابسى، فقد كانت فرصتي.. ويستيقظ ضميري، وأخذت أستنكر مثل هذا التصرف، كيف تأتمنني الست وتترك عشرات الصور بين يداي وأخفي منها صورة أو صورتين.. ليست هذه هي أخلاقي.

.. ومع ذلك نجحت فى الحصول على الصور.. لكن كيف حدث.. وكيف تصدرت الصفحة الأولى وكيف بدأت وكالات الانباء في البحث عن ابنتها.

في الأسبوع القادم.. تفاصيل العثور على المهندسة المصرية هند جلال.

[email protected]