رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

 

تجربة علمية لمصطفى أمين للتأكد من أقراص إعادة الشباب

 

«من فضلكم.. امتنعوا عن تناول أقراص H3 لإعادة الشباب، وانتظروا نتائج التجربة».. كانت هذه السطور هى دعوة الكاتب الكبير الأستاذ مصطفى أمين فى الستينيات فى جريدة الأخبار، عندما طلب من القراء عدم شراء أقراص إعادة الشباب، حتى ينتهى من التجربة العلمية التى يجريها للتأكد من سلامتها.

وكانت هذه الأقراص قد انتشر تسويقها فى الصيدليات عن طريق د. أديب جبرة الوكيل المعتمد للمجرية أنا أصلان المعروفة عالميا باهتمامها بأمراض الشيخوخة، واستجاب القراء لدعوة الكاتب الكبير، وتوقفوا بالفعل عن شراء الأقراص، وكنت أنا أحد شهود التجربة العلمية يوم أن كلفنى الأستاذ جلال الحمامصى، وكان وقتها رئيسا لتحرير الأخبار بالانضمام إلى الدكتورة زينب خورشيد الطبيبة بأخبار اليوم لنكون سويا ممثلين عن أخبار اليوم فى هذه التجربة.. التجربة العلمية ضمت الصفوة من كبار أساتذة الطب، الدكتور أنور المفتى والدكتور أحمد حافظ موسى والدكتور عبد الغفار الشرقاوى، وكان مديرا لمستشفى الجمهورية التى حجزت اللجنة الطبية طابقا بالكامل فيه، كان تحت إشراف الدكتور محمد الأبرق وانضم إلى اللجنة أستاذ الأشعة الدكتور فؤاد محيى الدين، والذى اختاره الرئيس السادات رئيسا للحكومة بعد عمله فترة وزيرا للصحة.

يعنى اللجنة الطبية كانت عشرة على عشرة من حيث الكفاءة والمستوى، أما المرضى فقد جاءوا عن رغبة وقبلوا أن يخضعوا للتجربة العلمية.. من الفنانين كان النجم حسين رياض وفؤاد شفيق، ومحمد القصبجى، وإحسان القلعاوى، وعدد من الشخصيات العادية، وتكفلت أخبار اليوم بمصاريف الإقامة والعلاج، حيث كان يتم الفحص يوميا على الضغط ونسبة السكر فى الدم، وكانت الاستاذة الدكتورة ألفت محيى الدين تفتح معملها طوال الليل للتحليلات.

قامت اللجنة بتقسيم المرضى إلى ثلاثة فرق، فريق يحصل على محلول الـH3 وفريق يحصل على نصف المحلول مخفف بالماء، والفريق الثالث كان يحصل على محلول ماء.. وظلت التجربة أسبوعين ارتأت اللجنة أن تمدها اسبوعا ثالثا وفى النهاية أعلنت النتائج، وجاءت المفاجأة.. المرضى الذين تحسنت صحتهم وألقوا بالعصى التى كانت فى أيديهم هم المرضى الذين كانوا يحصلون على محلول مائى.. أما الذين كانوا يحصلون على محلول الـ H3 فقد بقوا كما هم، لم تظهر عليهم أى تحسنات.. وتعلن اللجنة أنه بالإيحاء تحسنت الصحة وليس للـ H3 أى تأثير على أنسجة الجسم.

بصراحة كانت هذه التجربة هى أول تجربة تقوم بها صحيفة يومية، ولم نمنع القراء من عدم الشراء، لأن استخدام الأقراص ليست فيه خطورة على الصحة العامة، لكنه لا يحقق الهدف المطلوب، وبالتالى حدث انخفاض رهيب فى نسبة المشتروات، فتوقفت الإعلانات وأصبح كأن هذه الاقراص لا وجود لها بعد أن فقدت بريقها وسقطت عنها الدعاية والضجيج.. وطبعا بسبب التجربة العلمية التى أطلقها كاتبنا الكبير مصطفى أمين.

للأسف الذى يحدث الآن فى مصر، أجهزة الإعلام من تليفزيون وصحافة تساهم فى عمليات النصب وبيع السموم للشعب تحت مظلة الإعلانات، وكم من مرة خرجت علينا وزارة الصحة وهى تحذر من نشر الإعلانات قبل الرجوع اليها، كل شيء يحدث بالفتونة، لأن الصحف فى حاجة إلى تمويل، فهى تنشر الإعلانات حتى ولو كانت عن الأقراص البديلة للفياجرا المهم أن تأخذ فى شكل الدعاية الإثارة والمتعة.

لو أن المركز القومى للبحوث تصدى لهذه الظاهرة، واستخدم حقه كجهة علمية معترف بها وقام بعمل تجارب علمية على أى منتج يحظى بالشهرة، وتخرج نتيجة التجربة قبل استخدامه لالتزمت بقية العقاقير الطبية التى تبيع الوهم فى أقراص، لكن من يسأل إذا كان المركز لم يطالب بحقه الشرعى فى عدم التسويق قبل التأكد من النتائج العلمية.

من يتابع صفحات الفيسبوك يجدها نافذة لتسويق الوهم، شركات استغلت حاجة كبار السن لأقراص الفياجرا، فأنتجت منتجات من الأعشاب غلفتها بنتائج تغرى كبار السن وتدعوهم إلى استخدامها على اعتبار أن مفعولها طبيعى وطويل المدى، مما يشجع الإقبال على شرائها دون التأكد من عدم تأثيرها على الدورة الدموية، فقد تحدث هبوطًا حادًا يؤدى إلى الوفاة، لكن الدعاية القومية لها تأثير السحر، فما بالكم لو أجريت تجربة علمية قبل استخدام البشر لهذه العقاقير.. من يسمع ومن يستجيب؟.

للأسف لن تعود صحافة الزمن الجميل يوم أن كانت تتصدى لباعة الوهم، وكان الوعى عند الناس أوسع من حجمه الآن، كان هناك التزام وخوف، لكن الظروف تغيرت وكأنهم على استعداد للإقدام على عمل انتحارى بتناولهم هذه الأعشاب دون التأكد من صحة نتائجها، وعدم وجود أضرار جانبية.. فعلًا لن تعود صحافة الزمن الجميل.. التى كانت تدوس على الإعلانات لأن القارئ عندها أهم من قيمة الإعلان.. الزمن تغير ولذلك تجد الصحافة الورقية فى حالة انهيار، حتى بعد غياب المدارس الصحفية وزمن العمالقة.