رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

صفحات من الزمن الجميل (14)

ـ لكى يبقى عيد الأم.. كان لا بد من اختيار أم مثالية لمصر سنويا، هكذا فعل كاتبنا الكبير إحسان عبد القدوس يوم أن اعتمد فكرة إطلاق مسابقة الأم المثالية بغرض الإبقاء على عيد الأم.. اتخذ هذا القرار وهو جالس فى مكتب مصطفى أمين كرئيس لمؤسسة أخبار اليوم، وقت أن كان مغضوبا على الأخوين مصطفى وعلى أمين، وكان مقصودًا بفكرة هذه المسابقة إجبار النظام فى السبعينيات على إلغاء فكرته باستبدال عيد الأم بعيد الأسرة حتى يختفى اسمى العملاقين مصطفى وعلى أمين صاحبى فكرة عيد الأم من أذهان المصريين، ولأن إحسان «رحمه الله» كان يعرف قيمتهما فى الصحافة المصرية، كان سعيدا وأنا أطرق بابه وأحمل له فكرة الأم المثالية، لم يتردد بل احتضن الفكرة..

ـ وتأتى قصة إطلاق هذه المسابقة عندما أعلنت وزارة الشئون الاجتماعية عن عيد الاسرة، وخرج يومها الوزير حافظ بدوى يعلن أنها بديلة لعيد الأم، كنت أغلى فى داخلي، لم أتصور أنه بهذه السهولة وبقرار وزارى نمسح اسم العملاقين مصطفى وعلى أمين من فكر المصريين.

ـ طرقت باب الأستاذ إحسان وأنا لم أكن أعرف حجم الحب الذى كان يختزنه إحسان عبد القدوس للأخوين مصطفى وعلى أمين. فقد كنت أخشى أن يصدنى أو يرفض الاستماع لي.. الشهادة لله وجدته الشخصية التى يحبها كل قارئ، فقد كان صدره متسعا لأى كلام أقوله، ولا أنكر أن المسافة بين الأستاذ وتلميذه كانت كبيرة، ومع ذلك تملكتنى الشجاعة وقلت له: «هل نستسلم لإلغاء عيد الأم الذى أصبح حقاً لكل أم».. قال لي: الكتابة عنه هذه الأيام صعبة، خاصة أن اتجاه النظام الآن إلى إلغائه.. وكل ما نكتبه مرصود.

ـ قلت للأستاذ إحسان: لقد جئت لسيادتك بفكرة شعبية ساعتها ستكون حقا للقارئ وليس لأخبار اليوم، ولا أعرف إن كانت ستلقى هذه الفكرة قبولًا منكم وتتبناها إصدارات أخبار اليوم.. ورويت له الفكرة قائلا: «ماذا لو نظمنا مسابقة اجتماعية وأشركنا فيها القراء لكى يرشح كل واحد منهم أماً مثالية لمصر، قد يرشح القارئ أمه أو زوجة أبيه أو أم صديق له أو جارته، ويرى أن واحدة من هؤلاء تستحق لكى تكون أماً مثالية لمصر.. ونقوم بتشكيل لجنة من ممثلى المجتمع المدنى بما فيها وزارة الشئون الاجتماعية التى يطلق عليها الآن وزارة التضامن، مهمة هذه اللجنة فحص ترشيحات القراء، ويتم اختيار من تنطبق عليها شروط المثالية ويحتفل بها فى عيد الأم.

ــ للحق.. كان شجاعا فى القرار ووافقنى على إطلاق مسابقة «الأم المثالية».. وبالفعل أطلقتها على صفحات «آخر ساعة»، وجمعت زكائب من رسائل القراء.. حاجة تفرح أن ترشح صحفية كبيرة زوجة أبيها أماً مثالية، ورسالة من أهالى بورسعيد يرشحون السيدة أنيسة أبوالحسن أم البنات الخمس المصابات بشلل أطفال والتى تحمل بناتها على ظهرها لاستكمال تعليمهن فى الجامعة، ثم تطل أبرز رسالة لطبيب شاب من المنصورة يقول «أمى هى الأم المثالية لمصر» وروى قصة أمه أمينة الشرقاوي.. فلاحة بسيطة، كانت تحمل ابنها الكسيح إلى مدرسته، وإذ ببعض الأهالى يشيرون عليها بالذهاب للدكتور كمال الزرقانى أستاذ العظام فى القاهرة، فهو الوحيد الذى يستطيع علاج ابنها من الكساح، ويفاجئها الجراح بأنه يحتاج ١٠ سنتيمترات من ساقى الأب أو الأم، وتقول له الأم: عضمى كله تحت أمرك.. المهم أن يقف ابنى على قدميه، ولكم أن تتخيلوا الصراع بينها وبين أهلها الذين اعترضوا على تبرعها بعظامها، فقاطعت أهلها وأجريت العملية وتمت المعجزة، ويقف الابن على قدميه ويستكمل تعليمه ويدخل طب المنصورة ويتخصص فى العظام ليشرف على صحة أمه الكسيحة.. ثم يسأل الابن ألا تستحق أمى لقب الأم المثالية؟.

ـ وتعلن اللجنة العليا برئاسة الدكتورة عائشة راتب وزيرة الشئون وقتذاك.. أن أمينة الشرقاوى هى أول أم مثالية لمصر ويمنحها الرئيس أنور السادات «رحمه الله» وسام الكمال فى عيد الأم.. ليبقى عيد مصطفى وعلى أمين، وتبقى فكرة الأم المثالية حاملة اسمي، والفضل للمرحوم إحسان عبدالقدوس.. الذى توجنى فى بداية عملى الصحفي.

ـ ما أجمل الذكريات عندما تحتفل مصر بالأم المثالية، ويصبح عيد الأم تاجاً على رأس كل أم مصرية وعربية.. رحم الله الأديب العملاق إحسان عبد القدوس يوم أن أعطانى الضوء الأخضر، وكان سببا فى نجاح مسابقة الأم المثالية التى أطلقتها تكريماً لأساتذتى عملاقى الصحافة مصطفى وعلى أمين ليبقى هذا العيد.. عيد الأم.

[email protected]