رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

مراجعات

في مشهد غريب يُجَسِّد حجم المأساة والاختلاف، في عالمنا الإسلامي فقط، أدى المسلمون في عدد من الدول حول العالم، صلاة عيد الفطر المبارك، في ثلاثة أيام مختلفة، بدأت من مالي، وانتهت بمصر وبعض الدول!

هذا المشهد المتكرر كل عام، وتلك الاختلافات تثير تساؤلات، أبرزها ما الأسباب التي تمنع اتفاق المسلمين على طريقة محددة في ثبوت الهلال، وما إذا كان للتوترات السياسية والمذهبية في بلدانهم دور في هذا الخلاف المتجدد؟

ما نلاحظه أنه في كل عام يستقبل المسلمون حول العالم، بكافة طوائفهم ومذاهبهم، رمضان ـ الذي يعد صيامه أحد أركان الإسلام ـ وسط حالة من الاختلاف على ثبوت رؤية هلاله وموعد بدء الصوم، كما يودعون الشهر الفضيل باختلاف واضح حول عيد الفطر.

وما بين اعتماد بعض الدول، رؤية الهلال على الحسابات الفلكية، والغالبية منها على الرؤية الشخصية بالعين المجردة أو من خلال مناظير دقيقة، فإن فريقًا ثالثًا يفضل التبعية لبعض المراجع الدينية!

جمهورية مالي أعلنت الاثنين الماضي أول أيام عيد الفطر، وغالبية الدول العربية كان الثلاثاء بداية لعيدها، فيما أعلنت مصر وإيران وفلسطين إضافة إلى لبنان وسوريا والأردن ومناطق سيطرة الحوثيين في اليمن، الأربعاء غرة شهر شوال!

هذا التضارب في ثبوت رؤية الهلال، أدى إلى انقسام كبير في عدد من الدول، وحتى سكان البلد الواحد، في إعلان عيد الفطر، حيث طغت السياسة والحرب على تحديد موعده!

الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا، أعلنت الثلاثاء أول أيام عيد الفطر، في حين قررت جماعة الحوثي أنه المُكَمِّل لشهر رمضان.. في مشهد يحدث مرارًا في العراق ولبنان!

أما في السودان الشقيق، الذي كان عيده برائحة الدم، مع فض الاعتصام بالقوة، وسقوط عشرات الضحايا، فقد أعلنت وسائل الإعلام الرسمية أن العيد يوم الأربعاء، فيما دعا تجمع المهنيين السوادنيين إلى التجمع صباح الثلاثاء بالميادين والساحات، لأداء شعائر صلاة العيد وصلاة الغائب على أرواح الشهداء وإغلاق الشوارع والطرقات!

وفي ليبيا، كان المشهد مختلفًا، بعد أن أعلنت الثلاثاء أول أيام عيد الفطر، بعد ساعات فقط من إعلانها بأنه الأربعاء، حيث جاء ذلك في بيانين منفصلين نشرتهما دار الإفتاء التابعة للحكومة المؤقتة بالبيضاء، والهيئة العامة للأوقاف التابعة لحكومة الوفاق!

وفي سورية أعلن القاضي الشرعي الأول ب‍دمشق أنه لم يُرَ ولادة الهلال، وأن الأربعاء أول أيام عيد الفطر، فيما قرر المجلس الإسلامي السوري ـ التابع للمعارضة ـ أن الثلاثاء غرة شهر شوال!

نتصور أن ما تشهده الدول الإسلامية بشأن بداية عيد الفطر كل عام، أمر يعكس الانقسام الواضح، لكنها المرة الأولى التي تشهد اختلاف الفلكيين حول يومي الثلاثاء والأربعاء، حيث تابعنا انقسامًا فلكيًا كبيرًا بين الدول حول غرة شهر شوال وإثبات عيد الفطر!

ورغم أن إعلان رؤية الهلال في بداية كل شهر هجري هو أمر فلكي وعلمي بحت، خصوصًا مع تقدم وسائل الرصد الفلكي الحديثة، والذي يُفترض معه ألا يكون هناك أي مجال للاختلاف حوله، لكن ما يحدث في عالمنا العربي والإسلامي قد يكون نموذجًا مصغرًا لصراع السياسية والدين المستمر على مدى عقود طويلة.

أخيرًا.. متى تنتهي الصراعات السياسية والمذهبية، واستخدام الدين كأداة في معادلة صراع النفوذ على تصدر مشهد قيادة العالم الإسلامي، الذي يئن تحت وطأة المؤامرات والانقسامات والاختلافات، ووضع حدٍ للشائعات التي تطال صحة صوم المسلمين وإيجاد حلٍ للتأكد من رؤية الأَهِلَّةِ في السنوات المقبلة؟

[email protected]