رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

خارج السطر

نورٌ على نور. يهدى الله لنوره من يشاء. يُدخل من يشاء فى رحمته، رضوانه، جنانه.

أن تكون شهيداً فى زمن المادة. أن تقف أمام الموت غير مبالٍ، صامداً، صلباً، قوياً، شجاعاً، تعلم أنك على حق، وأنك تقاتل من أجل الإنسان: أمنه وأمانه وخيره. تسأل الله ميتة رضية، تكون سبباً فى منع دمار أو إزهاق أرواح.

تطلب الجنة حثيثاً، تُلح فى تمنى الشهادة، فكل شىء حولك فان. تؤكد للعالمين أن الحب فعل، والحب فداء، والحب موت. لا تنتظر جزاء ولا شكوراً، ولا تطلب وساماً أو تكريماً.

هذا هو أعظم دروس الوطن. مُجندون وضباط من عامة الناس، يسارعون إلى الشهادة باعتزاز وبأس ورضا وسعادة ونشوة وطمأنينة وسرور. يبرهنون للعالمين أن الشهادة قصيدة ماتعة. لحن مبهر. فكرة أنبل من الوصف. أن تموت من أجل آخرين لا تعرفهم. تحت سيف الواجب. تموت كالأشجار لا تنحنى أمام عواصف الكراهية. تموت وأنت موقن أنك حى إلى الأبد.

حكى لى شهيد مؤجل يخدم فى سيناء كيف واجهوا لغماً بشرياً يسير على قدميه. كان يعدو نحو إحدى السرايا لينتحر بين الجنود والضباط فيرضى شياطين داعش، وأثارت سرعته أحد الجنود فسارع إليه قبل أن يدخل إلى المعسكر واحتضنه، لينفجرا معاً. لم يبق جثمان ليُصلى عليه أو يدفن. تلاشت ذراته، فسرى كنسمة ربيع فى هواء الكون.

أسماء عدة رسمت أماننا وطمأنينتنا. لا نحصيهم، الله يحصيهم. لقد عدهم عداً. ربما محمد، أحمد، عُمر، عبدالله، جرجس، طه وغيرهم. لا مناصب تعنيهم، ولا شهرة تستهويهم، ولا جاه يغريهم.

هؤلاء يقولون لنا: لا تسليم ولا يأس. مقاومة من أجل المقاومة، وصبر لا حدود له، وصدور عارِية وجباه مرفوعة وأصابع على الزناد دفاعًا عن كرامة وطن، محن تصنع منحاً، وانكماش يُغير شعوباً، وضيق يُحفّز على المقاومة. وسط سماء بلادى يطلون علينا نجومًا منسية، يحسبهم الجاهل مترفين من التعفف، لا يسألون الناس تكريماً. سيماهم على وجوههم إشراقاً وعزة وإقداماً.

 لقد منحنا الله أقلامنا لنكتب لا نكذب. نُبشّر لا نُنفّر. نرسم قوس قزح، ونشطب على مقلب زبالة. نمسح عن ضمير الوطن دنس الرياء والخداع، وننكر على الباطل قبحه وظلامه، لذا فإننى لا أستحى أن أقر وأقول بأننى أتعلم من شهداء مصر الحقيقيين كيف يكون الحُب، فتعلموا واعتبروا يا أولى الألباب.

ويا رجال سيناء: يا أجمل مصريين. يا صناديد المحروسة العظام. يا خوذة مصر الصلبة، وقميصها الواقى، وعينها التى لا تغمض، وجمالها الذى لا يخفت: سلامٌ من القلب. إلى يوم لقاء فى مكان آخر أطيب وأطهر وأخلد.

فطوبى لمن مات ليُحيى آخرين.

والله دائماً أعلى وأعلم.

[email protected] com