عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

 

- بعض اللحظات تفوق فى مأساويتها لحظة الموت! هنالك من لا يعبأون بشيء مطلقاً، ولا حتي  بحياة الآخرين ! إذا عدت  بذاكرتك إلى محاورات الأصدقاء، فلن تجد واحدةً خلت  من تحذيرات شديدة  من التراشق بالكلمات مع عابرين فى الشارع او سائقى توكتوك او ميكروباص أو تريلا، أو حتى باعة جائلين  الخ، فقد ينتهى الأمر بـ«غزة سنجة» أو تشريح بـ«شفرة موس» أو بـ«ضربة شومة»! بعضهم يفعل هذا وكأنه يتناول شربة ماء وبدم بارد. لا وزن لحياة الآخرين عندهم ولا لمثقال لذرة خوف فى قلوبهم.. وخيالهم المريض «يزِن» عليهم بأن أى محامى «سلم» قادر على انقاذهم من حبل المشنقة بمقابل زهيد!  تغيب الدولة فى الشارع ولا أحد يهتم، والنتيجة توحش هذه الاعتداءات ، وتنوع صور العدوان فيها على الأرواح والممتلكات، وكثيرون لا يستطيعون الدفاع عن كراماتهم وكبريائهم ، فقد يمرمغ بها أحد تراب الأرصفة!

- يخوض الناس مع بعضهم معارك يومية شرسة، طولها مرارة وعرضها بغضاء وعمقها غليان وتوحش ملأ الصدور! يتمزق الناس فى الشوارع ما بين إدراكهم لعراقة وتاريخ وحضارة وثقافة بلدهم، وبين  ما يصدمهم  من ممارسات بشعة، وتسيد للحلول الفردية، الناتجة عن توحش الرأسمالية، والذى بات نمطاً يهدد الناس ويكبدهم الخسائر الفادحة.. فهذا «منادٍ» مزيف يمتشق «قرن الغزال» تنشق عنه الأرض يطالبك بدفع إتاوة إيقاف سيارتك أو تحدث الكارثة بأن  «يوقفك» أنت! وهذا «قهوجي» احتل الشارع متحدياً «سلطة الحي»، يهدد المتضررين منه بما لا تحمد عقباه!

- فى مناطق لا تسمع عنها الدولة، يتعذب الناس عندما يخوضون صراعا يومياً مريراً مع بعضهم البعض، حيث تتكالب السيارات من الاتجاهات المعاكسة فتسد طريق  المرور الطبيعى للسيارات، وذلك عند مزلقانات هى بالأساس ضاقت من جهاتها الأربع، وهكذا تغلق الطريق لساعات فلا أحد يفلت من المواجهة، ويزيد الطين بلةً عندما يُحَمَلُ بعضها بأطنان الحديد والخردة ،لا يسترها  غطاء يمنع سقوطها، ولو حدث  لجزَّت رؤوس ودمرت عربات. والشيء نفسه مع عربات مكدسة بالطوب والزلط بنفس الكيفية، فبفعل الحركة إذا بها تتساقط كموجاتٍ واحدة تلو الأخرى ، فتستحيل الأرض خرابًا، ويروِّعك أن تزدان بالفضلات وعبوات البلاستيك والزيوت والمختلطة بالأوراق وبقايا الطعام والخبز والكلينيكس فى لحظات! ويلوح لذاكرتى الآن، ذلك المشهد المأساوى لسيارة نقل شاهدتها محملةً بما يفوق طاقتها من بقايا عصر القصب، وأستغرب كيف مرقت  أمام كمين شرطة موقعه بداية  فندق رمسيس، فبرغم أن الحمولة تساقطت على الأرض ،وتحول الشارع إلى إسطبل قاذورات فى لحظات، فإن أحداً لم يتحرك لمواجهة القبح؟!

-مشهد آخر أتذكره ويخيل لى لحظتها اننا كنا قريبين من يوم الحشر: كنت أعبر «نفق السلام» باتجاه طريق الإسكندرية الزراعي، وإذا بجحافل من التريلات تكتب مشهداً مخيفاً، فكانت تمرق كالسهم زاعقة بأعلى ما لديها من كلاكسات وزاجرة بأعتى ما لديها من هدير المواتير، خاطفة الأنفاس وهى تنحرف قاطعة الطريق على السيارات الصغيرة التى تنحشر بين هذه التريلات، حتى لكأنك تشعر أن الحرب قد اشتعلت فى نفق السلام. إن غلطة واحدة بقلب هذا الغليان وغضبة الزمامير والمواتير والسائقين معا ،قد تفضى إلى هرس وحصد أرواحٍ بقسوة وبدون دَّية!

-ياااااه كل هذا التوحش واستلاب الأمان؟

- من ينقذ المصريين من بعض المصريين؟!