رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

صفحات من الزمن الجميل (9)

- الصحافة في الستينيات كانت فاكهة كل بيت، ما من بيت إلا ويشتري صحيفة أو صحيفتين، لذلك كان السباق في نشر الحوادث والقضايا علي أشده لاجتذاب القارئ المصري، ولأن صحيفة الأهرام كانت تتمتع بالشخصية السياسية، ولا تميل إلى التوسع في نشر الحوادث، إلا أنها اكتشفت أنها تحقق خسائر كبيرة بسبب تطنيشها الحوادث أمام صحيفة «الأخبار» التي كانت تطبع طبعة ثالثة ورابعة لحاجة السوق إليها.

- وأذكر الصراع الذي كان بينهما حول محمود أمين سليمان ابن الإسكندرية الذي كان يحمل سلاحا ويطارد زوجته نوال لاتهامه لها بأنها على علاقة مع محاميه، فقد كان محمود سليمان علي علاقة بجميع الفنانين والكتاب، يسهر معهم في هيلتون النيل، ويشارك في سهرات عبد الحليم حافظ وكامل الشناوي، ويقتحم فيلات الأثرياء مع أول خيط للنهار.. سرق فيلا أمير الشعراء أحمد شوقي فقد كان يهمه أن يسرق جزءا من تراثه، وبدأ البوليس وقتها في مطاردته فاختبأ بمستشفي قصر العيني وأول ضحاياه مريض حاول القبض عليه، ثم أطلق الرصاص علي مخبر سري في شارع المنيل.. نشرت «الأهرام» الحادث تحت عنوان.. «مجرم الإسكندرية» يهرب من البوليس، وأطلق الصحفي سامي جوهر عليه في جريدة «الأخبار» لقب «سفاح الإسكندرية».. وظل الصراع بين الصحيفتين علي الاسم، وقد ثبتت مقولة جوهر، عندما تكرر محمود سليمان في مطاردة الأبرياء، وكان بوليس النجدة قد تلقي بلاغا من زوجة عمدة تسكن في الدقي بأن سفاح الإسكندرية اقتحم منزلها عند الفجر وبعد أن قام بتكميمها طلب منها أن تحضر له طعام الإفطار وبعد تناوله طلب منها ألا تخطر البوليس، وقال لها «سأتركك لأنك أكرمتيني وأطعمتيني» ثم اختفي من أمامها، هكذا قالت في بلاغها.

- لقد كان لي نصيب أن أشارك سامي جوهر في البحث عن السفاح، حينما كلفني المرحوم الأستاذ جلال الحمامصي، وكان وقتها رئيسا لتحرير الأخبار بالسفر إلى الإسكندرية معه للبحث عن السفاح، وتحديد مكانه من تردده علي الملاهي الليلية، وبالفعل سافرنا والتقينا بمدير مكتب الإسكندرية المرحوم أحمد هيبة ولأول مرة أدخل ملهى ليليا وسألنا الراقصات عنه فقالت واحدة: إنه كان ينام عندها أمس، وترك البيت، وعندما سألته هل سيعود لها الليلة قال لها إنه سينام في المقابر فهي بالنسبة له آمنة.

-  ولكم أن تتخيلوا ونحن نتجه إلى مقابر الشاطبي نحن الثلاثة أنا وسامي وأحمد هيبة، فقد كانت مظلمة تماما، فسألتهما وماذا لو وجدناه، هل سنقبض عليه وهذه ليست مهمتنا وهو يملك سلاحا.. أكد لي سامي أنه سيتعامل معه معاملة الصديق الذي يحاول أن يساعده في قضيته.. توكلت علي الله والخوف والرعب ينتابني، وإذا بقدمي تسقط في حفرة وأصرخ ويحاول الاثنان رفعي وقدمي تلمس شيئا طريا أحسست أنني ألمس جثة، وهات يا صراخ.. فرد سامي قائلا: «حرام عليكم طفشت الراجل» ويقصد السفاح، كان عندي إصرار بالخروج من منطقة المقابر، استجابوا لي وخرجنا إلى الفندق، حيث نسكن في فندق جوردن بمحطة الرمل، تركاني في الفندق وذهبا الي ملهي الراقصة التي نام عندها السفاح لعله يزورها الليلة، وفي الصباح سألت سامي عن ليلته فقال: كان مع رجال المباحث طوال الليل وهم يرقبون بيت الراقصة حتي الصباح ولم يحضر.

- وإذا بالصحف في هذا اليوم تخرج علينا بخبر: إن السفاح لا يزال بالإسكندرية ومن المحتمل انه يقيم في منطقة الملاحات، ويكذب جوهر هذا الخبر إذ يعلن أن السفاح في القاهرة وفي منطقة المعادي، فقد كان سامي جوهر - رحمه الله- من أكفأ محرري الحوادث، وأشهد أنني تعلمت منه الكثير، تعلمت كيف أقوم بدور المخبر وضابط المباحث في البحث عن المعلومة، لا يوجد صحفي الآن في عصرنا هذا يريد أن يجتهد ويجري وراء المعلومة، الكل ناقل لما يملي عليه من رجال الأمن، وجميع الحوادث التي تنشر لا تحمل معلومة جديدة غير المعلومات التي يصل إليها ضباط المباحث، لكن في عهد سامي جوهر كانت الصحافة متفوقة على ضباط المباحث في الوصول الي خيوط في الجريمة، وهذا هو عمل محرر الحوادث، لكن للأسف الصورة تغيرت واختفت الكفاءات في غياب المدارس الصحفية.

- إلى هنا لم تنته جولة السفاح، لقاؤنا الأسبوع القادم عن نوال زوجة سفاح الإسكندرية.. كيف دخلت التاريخ.. فقد كنت الصحفي الوحيد الذي انفرد بنشر مذكرات نوال ونقل عنها كاتبنا الكبير نجيب محفوظ قصة «اللص والكلاب».

[email protected]