رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

صفحات من الزمن الجميل (٧)

- لايزال حديث الذكريات مستمراً عن علاقتى بالسيد زكريا محيى الدين عندما كان وزيراً لداخلية مصر حتى نكسة 67، فالرجل هو أول من أصدر قانون الأحوال المدنية الذى استبدل البطاقة الشخصية بالبطاقة العائلية، وخصص فى داخلها صفحات للزوج ليكتب فيها بيانات كل زوجة فى عصمته، تتضمن اسمها الرباعى وتاريخ ميلادها.

- وقد قامت الدنيا عندما صدر هذا القانون، وهو يشترط تسجيل سن الزوجة فى البطاقة العائلية التى يحملها الزوج، تلقيت زكائب من الرسائل عن طريق البريد لزوجات يستغثن بى لعدم الكشف عن أعمارهن لأزواجهن؛ لأنهن أخفين سنهن الحقيقية عن أزواجهن، وبالكشف عن السن من المؤكد سيحدث الطلاق.. حملت عدداً من هذه الرسائل ورحت بها إلى السيد محمد رياض، وقد كان وكيلاً لوزارة الداخلية فى ذاك الوقت، وأطلعته على هذه الرسائل، اكتشفت أنه هو الآخر تلقى مئات من هذه الرسائل بخلاف التليفونات التى لم تتوقف فى مكتبه، بكاء وصراخاً لزوجات يطلبن إلغاء هذا الشرط حتى لا ينكشف أمرهن أمام أزواجهن.

- سألت وكيل الوزارة، وما العمل، فطلب منى أن أعرض هذه القضية كقضية رأى عام على السيد زكريا محيى الدين وزير الداخلية، فضلت أن أكتبها فى صحيفة «الأخبار»، وأجعل منها بالفعل قضية رأى عام، وبهذه الخطوة أفتح الباب لوكيل الوزارة ليعرضها على الوزير الذى كان متحمساً للقانون الجديد.. كان السيد كمال رفعت وزير الدولة، ووزير العمل فى هذه الفترة، مشرفا على مؤسسة «أخبار اليوم»، قرأ فى «الأخبار» هذه الصرخة فطلب من مدير مكتبه على إسماعيل امبابى أن يستفسر إن كانت هذه الشكاوى حقيقية أم وهمية.. خضعت يومها للتحقيق فقدمت نماذج من الرسائل وأكواماً من رسائل كانت لا تزال داخل المظاريف لم أقم بفتحها.. وفى نفس اليوم طلبنى مكتب السيد وزير الداخلية، وكلفونى بالحضور فوراً للوزارة.

- كنت مرعوباً وأنا فى طريقى لوزارة الداخلية، واستقبلنى السيد عبدالفتاح شبانة مدير مكتب الوزير، وطلب منى الانتظار حتى يبلغ السيد الوزير بوجودى لأنه هو الذى يريد أن يرانى.. دخلت على وزير الداخلية، وفى أول كلام له معى قال «سيادتك بتحرض الستات على القيام بثورة ضد قانون الأحوال المدنية».. قلت لكى يبقى هذا القانون يا أفندم أنا شايف ندرس قضيتهن، أنا الحمد لله مش متجوز وأمى خلاص استقرت، لكن الشكاوى التى جاءتنى بمجرد كتابتى الخبر، كميات ضخمة جدا.

- لاحظت أنه بدأ يقتنع بكلامى بدليل أنه طلب منى أن أجلس، جمعت أنفاسى وتملكتنى الشجاعة ورحت أقول للوزير «يا أفندم فيه رجالة عايزة تخلص من ستاتها وقد يكون هذا القانون هو فرصتهم» فضحك الوزير، وقال لهذه الدرجة، طيب والعشرة.. ثم طلب منى التوقف عن الكتابة فى هذا الموضوع، وسوف يطلعنى على قراره بعد ما تدرسه اللجنة التى سيشكلها لدراسة هذه القضية.

- انصرفت من الوزارة وكلى ألم وغيظ من موقف وكيل الوزارة السلبى، فهمت أن الرجل لم يتحرك ولم يتحدث مع الوزير فى هذه القضية، وعدت إلى مكتبى فى «الأخبار»، وإذا بتجمهر نسائى فى مكتب الاستعلامات يطلب مقابلتى، فانصرفت ولم أدخل المبنى خوفاً من مقابلتى لهن، وساعتها تصل معلومة من المباحث لمكتب الوزير وبكده يعتقد فعلاً أننى أحرض الستات ضد القانون، وأنا أساساً مش ناقص مشكلات.

- وفى يوم جمعة طرق باب بيتى ضابط من المباحث العامة يطلب منى أن اذهب معه ولما اكتشف حالة التوتر التى أصابتنى قال لى.. السيد الوزير عايزك فى بيته، وكلفونى أوصلك، هدأت أعصابى وقلت خير، طالما فى البيت هيبقى خير، وبالفعل رحت له، واستقبلنى استقبالا عائليا، فقال لى «لم اتوقع أنك لا تملك تليفون فى بيتك» على أى حال حبيت أشوفك وأفرحك بخبر، لقد قررت إلغاء هذا الشرط عند استخراج البطاقة العائلية، يعنى ليس مطلوباً من الزوج أن يقدم شهادة ميلاد زوجته عند طلب البطاقة العائلية.. قلت له.. سيادة الوزير أنت كده أسعدت مئات أو للحق ألوف الزوجات بهذا القرار، وأوجدت استقرارا فى الاسرة المصرية.. ثم سألته عن أول مدير لمصلحة الأحوال المدنية، فقال لى سيكون اللواء مصطفى النويهى، وسيكون مقره مكان مصلحة السجون فى شارع قصر النيل.

- وتنتهى المقابلة، وأنا أنفرد بخبطة صحفية، اتجهت مباشرة إلى «أخبار اليوم»، ويومها غيروا المانشيتات بانتصار الزوجة المصرية على قرار وزير الداخلية.. وفى اليوم التالى يطلع السيد كمال رفعت على الخبر فيأمر بمنحى علاوة شهرية قيمتها خمسة جنيهات ليصبح راتبى ثلاثين جنيهاً.

[email protected] com