رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

خارج السطر

 

السؤال واحد والأجوبة متعددة وكلها غلط. كيف يولد الإرهاب الدينى فى بلادنا؟ ما هى مفرخته؟ من أين يستمد قتلة الآمنين هذه الجرأة؟ لماذا يموتون فى سبيل إزهاق أنفس أخرى؟ وكيف أقدم  مثلًا انتحاريون على تفجير أنفسهم فى مُصلين بكنائس سيرلانكا؟ وما هو سبب انضمام أفواج تلو أخرى إلى داعش، بيت المقدس، بوكو حرام، وغيرها من ميليشيات الموت؟؟

قبل عقود، وعندما كانت مصر تصطلى بفخاخ الجماعة الإسلامية وجماعة الجهاد، ساد التفسير اليسارى للإرهاب لتطل أصوات عدة تقول بأن سوء الأوضاع الاقتصادية هو السبب المباشر للإرهاب. تصور أصحاب هذا الرأى أن الفقر والعوز يولد حالة غضب احتجاجى تجاه المُجتمع ليصبح مقبولا تكفيره ُومعاداته واستحلال دمه. لكن هذا الطرح الطبقى لم يكن صحيحا، حيث رأينا إرهابيين أثرياء أبا عن جد ربما أبرزهم أسامة بن لادن.

وفيما بعد، طرح منظرون طرحا آخرا يرى أن الاستبداد السياسى والقهر هو منبع الإرهاب. شيوع الظلم وتفشى الفساد فى ظل وجود ديكتاتوريات قمعية يورث الغضب، ثُم يأخذ ذلك الغضب صبغة دينية فيحول فكرة مقاومة الظلم إلى جهاد دينى، ثُم تخرج الأمور عن السيطرة وينفلت الجهاد المزعوم إلى موجات كراهية وتكفير وتفجير لكل شىء.

 وحتى هذه الإجابة فى غير محلها، ذلك لأننا ــكشعوب شرقيةــ نعانى الاستبداد من ألف عام، وهناك نماذج لدول فى العالم أكثر قهراً وقمعاً لشعوبها وأشد خنقا للحريات لكنها لا تعانى إرهابا، وحسبنا أن نذكر كوريا الشمالية، والصين.

وهناك رأى آخر يرجع الإرهاب لحركة التطور. إن ميلاد الحداثة وسرعة تطور التكنولوجيا والتقدم المذهل فى العقل البشرى أولد ــ فى تصور البعض ــ حنقا تجاه العالم المتقدم، ولم تلبث حالة الحنق أن انقلبت غيرة، ثُم إرهابا. وهذا الكلام أيضا بعيد عن المنطق ومخالف للقراءات العقلية للتاريخ.

أصدق إجابة لسؤال الإرهاب فى تصورى أجدها فى القرآن الكريم فى آية تقول: ﴿ وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ﴾ سورة إبراهيم (26).

 ببساطة لا إرهاب بدون أفكار. الفكر فى تصورى هو أساس الإرهاب والعنف والقتل. كلمة بجوار كلمة، ونص يحمل توجيها، قادرعلى شقلبة كيانك، وتغيير دماغك، وتوجيه قولك وعملك وحياتك نحو مسار ما. وأخطر فكر عرفته المنطقة فى تاريخها، هو الفكر الوهابى الذى انتقل بعد اكتمال أوجه فى الجزيرة العربية فى النصف الأول من القرن العشرين إلى سائر بلاد المسلمين، ثم تحول ذلك الانتقال لاحقا ــ مع موجات العمل فى الخليج ــ إلى غزو منظم. وأسوأ ما يقدمه فكر محمد بن عبد الوهاب هو الحصرية. إنه يرى الحق واحداً، الطريق واحد، والفرقة الناجية واحدة، وهناك معتقد واحد ومن يحملون سواه هم خصوم الله.

 وهؤلاء الذين يعجنهم ويصهر ماء عقولهم ويعيد تشكيل نفوسهم رجال الوهابية بدءا بعبد الوهاب، ومرورا بسيد قطب، وعبدالسلام فرج، وحتى الظواهرى و أبى بكر البغدادى يتحولون إلى إرهابيين وقتلة مؤجلين.

لقد رأيت كثيراً منهم حولنا. يحتقرون كل آخر، ويزدرون كل معتقد، ويرفضون كل لين، ولا تحكم نفوسهم سوى الكراهية.

والله أعلم.

[email protected]