رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

مراجعات

من الصعب أن نجد فى أى زمان أو عصر، توافقاً أو إجماعاً كلياً ورأياً موحداً على قضية ما، أو أشخاص بعينهم، لأننا سنكون وصلنا إلى مرحلة من التماهى والتطابق، لم يصل إليها السابقون أو اللاحقون.

نتصور أنه ليس بالضرورة التوافق مع أفكار ومفاهيم ومواقف جماعية، بشكل دائم، خصوصاً تلك التى تتعارض مع العقل والمنطق، لأنها فى هذه الحالة قد تمثل ثقافة استسلامية تؤدى إلى الخنوع والاستسلام لرأى عاطفى شائع.

إن الاختلاف سنة كونية بديهية، (ولَو شَاء ربُّكَ لَجعلَ النَّاسَ أمَّةً واحِدةً ولاَ يزَالُونَ مُختَلِفينَ)، غير أننا لا نعرف سبباً واضحاً لخلافات البعض حول قضايا أساسية، وتلك الحالة العشوائية من التراشق، وإسباغ المواطنة على البعض، وإلصاق تهم التخوين والعمالة والخروج من عباءة الوطنية للبعض الآخر!

اللافت أنه عندما يعبِّر الإنسان عن قناعاته وأفكاره، بشكل منطقى أو عقلانى، قد يوصف بأنه يغرد خارج السرب، أو يسبح ضد التيار، خصوصاً عندما يكون مختلفاً فيما يعتقده، مع تيار عارم يصعب مواجهته، أو جموع لا تتقبل الحوار، أو مفهوم ثقافة الاختلاف.

لعل التساؤل المثير للاهتمام هو: متى كان إجماع الغالبية على رأى يعنى أنه صواب، وما المعايير التى يقاس على أساسها أن غالبية الجماهير هى فعلاً مع ذلك الرأى، خصوصاً فى ظل انتشار الجهل وسياسة الإقصاء المتجذرة، ووجود نخبة من المتحذلقين الأدعياء، الذين يعطون لأنفسهم حق الوصاية على الآخرين؟

كيف يمكن بناء ديمقراطية حقيقية، أو بناء وطن حديث قادر على مواجهة التحديات ومواكبة عصور النهضة والتقدم، من دون توفير مناخات من الحرية والعدل والتعددية والوعى الحقيقى لدى المجتمع، لفك التكلس الحاصل فى حياتنا؟

الأوضاع الراهنة تبدو فيها الأمور ملتبسة وأعقد مما يظنه الكثيرون، لأننا نعيش خياراً صعباً، ما بين غياب شبه كامل للاستقلال الإعلامى والأكاديمى والثقافى، أو تحت تأثير إعلام منحاز لرواية محددة، واتجاه سياسى بعينه، يُقصى الآخرين، ويفتقر إلى تعددية حقيقية.

نعتقد أن قول الحق أو محاولة الوصول إلى الحقيقة، يحتاجان إلى المصارحة والمكاشفة والصدق مع النفس، بدلاً من قلب الحقائق وصناعة الأوهام، لأن اختلاق الأكاذيب أو تزوير الحقائق والواقع كلاهما تدليس فاضح على عقول البسطاء!

إن قيم الديمقراطية والحرية والكرامة، غير قابلة لأن يدَّعى أحد امتلاكها، أو حتى اختزالها، فأى شعب ليس كتلة صماء فى بازار سياسى، ولا ينتمى لطبقة واحدة، أو تيار سياسى محدد، بل هو عبارة عن فسيفساء، قد يجتمع جزء منه، أو أغلبيته، على مطلب محدد، فى وقت محدد، والعكس صحيح.

ما يؤسف له أننا أصبحنا فى مرحلة إفلاس حقيقى، تستطيع فيها أمواج الإعلام المتدفقة عبر وسائله المختلفة، بتغيير مسار شعب، وتسميم وتبديل أفكاره ومفاهيمه وقناعاته وسلوكياته، بشكل قد يؤثر فى تشكيل رؤاه ومواقفه تجاه بعض الأحداث والقضايا المصيرية.

إذن.. نحن أحوج ما نكون إلى ترسيخ مفهوم الاختلاف وثقافة الحوار والابتعاد عن التشكيك أو التفتيش فى النوايا، وألا نلجأ إلى إقصاء من نختلف معهم، فالاختلاف فى الآراء، لا يعنى بالضرورة، أن نتخذ مَن يخالفنا الرأى أعداء.. يجب أن تكون فى قلوبنا مودة ومكاناً يتسع لتقبل الآخر.

[email protected] com