رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

لله والوطن

بالأمس.. أصدر تنظيم داعش الإرهابى بيانا مسموما.. توعَّد فيه الشعب النيوزيلندى بالانتقام منه وتحويل بلده الى جحيم.. انتقاما للشهداء الـ 49 الذين قتلهم سفاح «كرايست تشيرش» داخل مسجدين فى وقت صلاة الجمعة.     

للتذكرة: داعش هذا هو نفسه الذى تبنى جريمة قتل 305 مسلمين وإصابة 128 آخرين داخل مسجد الروضة بشمال سيناء فى نوفمبر 2017.. باعتبار أنهم «صوفيون كفرة وخونة».. فى وقت صلاة الجمعة أيضا.. وفى هجوم إرهابى هو الأكثر دموية فى تاريخ مصر.

وللتذكرة أيضا: نفس التنظيم الإرهابى هو الذى هز العالم كله وصعقه بالفيديو الشهير الذى أذاعه لجريمة ذبح المصريين الأقباط الـ 21 فى ليبيا عام 2015.. وهى أيضا جريمة ربما تكون الأكثر دموية فى التاريخ الحديث بشكل عام.

•• لا اختلاف بين المشاهد الثلاثة

دماء إنسانية سُفكت.. وأرواح بريئة حُصدت.. بعضها لنفوس طاهرة مسالمة مؤمنة قتلها السفاحون بدماء باردة، وهى راكعة ساجدة فى خشوع وخنوع راجية الرحمة والسلامة والمغفرة من ربها.

بعد جريمة مسجد الروضة سقطت كل أقنعة المتسترين بالدين، وبفريضة الجهاد لنشر الدعوة الاسلامية.. الذين يتخذون من هذه الأقنعة رخصة للقتل والحرق والتخريب وسفك الدماء.. حتى إنهم أحلوا لأنفسهم قتل مسلمين موحدين وهم يقفون بين يدى الله، مصلين عابدين ذاكرين.. فى يوم هو عند الله عيد فى الأرض وعيد فى السماء.. بينما ترك السفاحون أداء صلاة الجمعة التى أمر بها الله أمرا قدسيا لا يقبل مراوغة أو تأويلا.. ووقفوا رافعين راياتهم السوداء بأن «لا إله إلا الله»، ليمطروا صدور هؤلاء المصلين برصاص الموت.. ليس ليقتلوهم فقط ولكن ليقتلوا معهم الدين نفسه.

والذين نفذوا مذبحة المصريين فى ليبيا اغتالوا معها روح السماحة والطيبة والسلام وقيم العدل والخير والوسطية والاعتدال لدى البعض ممن كانوا يرونها ما زالت من صفات وعقائد المسلمين.. إذ أصبح هؤلاء يرون أن الإرهاب له دين واحد.. هو الإسلام.. ومن السبب فى ذلك؟.. إنه نحن.. المسلمون.. هذا هو ما فعلناه بأنفسنا.. وبديننا.. بل ما فعله بنا هؤلاء السفهاء الذين ينحرون الرقاب تحت رايات التوحيد!

وبعد جريمة نيوزيلندا سقطت أيضا كل دعاوى «شيطنة الإسلام» ومحاولة إلصاق جرائم هؤلاء الإرهابيين المحسوبين اسماً عليه بالدين نفسه.. إذ بات واضحا للعيان أن التطرف والإرهاب لا ينتميان للإسلام وحده.. وهما أيضا ليسا نتاجا للأديان.. إذ لا يوجد دين واحد يحث على القتل والبطش وإزهاق الأرواح إلا بالحق.. إنما هما نتاج للخلط الغبى بين السياسة والدين.

•• ولعلنا

نتوقف فى مجزرة نيوزيلندا أمام شيء بالغ الأهمية.. وهو إصرار الإرهابى السفاح على تصوير كل تفاصيل جريمته الشنعاء.. وبثها عبر وسائل التواصل الاجتماعي.. على الهواء.. وهو يعلم أنها بعد ذلك وخلال دقائق معدودة ستطوف العالم كله عبر المليارات من شاشات الأجهزة الالكترونية.

هذا فى حد ذاته دليل واضح على أن الذى ارتكب هذه الفاجعة.. ومن يقفون خلفه.. لم يكن يقصد فقط قتل هؤلاء المصلين.. ولم يكن فقط يستهدف إثارة خوف ورعب المسلمين وحدهم.. بل هو يريد ما هو أفدح وأشد خطرا من ذلك بكثير.. وهو نشر خطاب الكراهية والفتنة والانتقام فى كل أنحاء العالم وبين كل شعوبه.. وبجميع أديانهم ومللهم ونحلهم.. دون استثناء.

•• فمن المستفيد من ذلك؟

لا يوجد مستفيد غير المرتزقة من المتاجرين بالأديان.. وعصابات السياسيين.. ومافيا الأسلحة وأغنياء الحروب الذين وجدوا فى منصات «السوشيال ميديا» سلاحهم الأشد فتكاً من أجل تحقيق أهدافهم والوصول الى مآربهم.. حتى ولو أشعلوا العالم نارا ودمارا.

هؤلاء هم أعداء البشرية الحقيقيون.. والذين لا بد أن يتكاتف الجميع لمواجهتهم.. من خلال عمل جاد ودؤوب.. وليس بالأمانى أو الأحلام أو الأدعية أو المؤتمرات الكلامية والبيانات والديباجات التى سرعان ما تتحول بعد صدورها الى «حبر مهدر فوق أرصفة الطرق».