عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

 

- مئات  اللايكات وعشرات من تعليقات الثناء وأكثر من مائة  شير، توجت مقالى «من فضلك ماتبيعش جاموستك» المنشور فى الوفد يوم الخميس 24/1/2019. ويبدو كأننى فتحت على نفسى فاتحة من جهنم، ففيما عدا الست Jumana Mohammad من الأردن(!) التى انهالت على قصفاً وتجريحاً واتهاماً، فإن قصص العذاب التى نُقِلت إليَّ عبر هذه التفاعلات، وعجزى عن فعل أى شىء لأصحابها، جعلتنى أشعر بأننى تغيرت إلى حد التَرفُّه المصحوب بالعجز!

- «علاء اللول» و99  مصرياً آخرين أبطال مأساة جديدة، خدعوا بالسفر  وبناء المستقبل المشرق فى الكويت، فدفع كل منهم 1000 دينار لـ«تجار البشر» -كما وصفهم محام كويتى– الذين أوهموهم بأنهم سيعملون لدى شركة مقابل 180 ديناراً شهرياً ثم اكتشفوا الكارثة! لقد دفعوا 60 ألفاً ليلتحقوا بشركة استغلتهم لمدة  شهرين بلا أجر! ومنذ 6 شهور وحتى الآن وهم «على فيض الكريم»! جاءوا بهم  ليفقدوهم كل شىء: الكرامة الإنسانية.. اللقمة الهنية والستر من ذل السؤال أو الأسئلة.. ولينتهى بهم المطاف  إلى الشكوى  للنائب العام!

«علاء» المحترق قلبه كلمنى عن مأساتهم، ولكنى لم أطق سماع بقية القصة، مع الأسف! ربما لأننى أعرفها فقد سمعتها عشرات المرات، رأيتها فى أحزان العشرات من أولاد بلدى الموجوعين، سمعتها مع كل مصمصة شفاه حزينة، ورأيتها مأساوية  فى عيون كويتية شريفة صادقة الإنسانية.. ترفض هذه النخاسة وترفض مثل هذه التجارة المحرمة للبشر.

- قصة علاء اللول وأصحابه الـ99 المحزنة كشفت عن قصتى المحزنة أنا أيضاً! فالرفاهية تملكت منا، واستبدت وتغولت، صلابة الإرادة وسماكة الجلد وتجاعيد الأيام المرسومة على الوجه، لم تعد عنواناً يدل على ما كان راسخاً فينا فى زمن مضى، وإنما تدل على أن بقايا كانت هنا وذَوَّت وخَبَت، لم يبق من سماتنا المبهرة الكثير! اليوم نكتفى - من بعيد لبعيد- بالتبرع لمستشفى الحروق، لأننا لا نتحمل رؤية وجوه الأطفال مشوهة. نرسل المال لمساعدة مرضى السرطان، لأننا لا نطيق رؤيتهم شاحبين ورؤوسهم الصلعاء تلفظ تاج النساء وتنزع عنها ضفائر الأطفال، نحاول المساعدة من بعيد، فالمرفهون لا يقدرون على مشاركة المتعبين أنينهم ولا الإنصات لأنّات هؤلاء المعذبين الذين افترسهم طاعون العصر اللعين!

لم نعد نتحمل رؤية لاجئى المخيمات، فمن ذا الذى يمكنه مواساة هؤلاء الذين يلتحفون العراء ويسكنون فى أحلام السماء فقط، ولا يعرفون حلماً آخر غير رحمة الرب؟

- مرفهون نحن الآن.. وممزقون.. يهزمنا هذا الترف.. يقيناً.. تعذبنا مواقفنا، وانحسار قدراتنا عن فعل ما هو أكثر عن التضامن مع «اللول» وصحبه؟!  الخوف؟ الخشية؟!.. نعم فهى موجودة وقائمة، تذكرتها مؤخراً عندما شعرت بوحشة «القبر» المخيفة.. حيث لم أستطع إبقاء رأسى داخل جهاز «الرنين المغناطيسى» لثانية واحدة! شعرت بأننى أدخل قبرى باختيارى، شعرت بالاختناق، ناديت بقوتى المتهاوية: أخرجونى من هنا.. «هموت من الخوف»!

- هكذا فى مثل هذا العمر الآن.. يحضر الخوف وتغيب قدرتنا على المواقف والأفعال، تحضر فقط قدرتنا على تذوق الكلمات وترويج الأمنيات.. وتغيب  جسارتنا فى تحويل الكلمات إلى أفعال!

- حتى الكلمات الناقدة باتت «محسوبة» تماماً.. فطبيعى أن من يخشى «قبر الرنين المغناطيسى»، بالضرورة يخشى التعذيب فى الزنازين أو البقاء فى السجن الانفرادى!