رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

كلمة عدل

 

ما زلنا بصحبة الفيلسوف العظيم ابن خلدون الذى غيَّر بعلمه وفكره التاريخ على وجه الأرض. اعتزل ابن خلدون الحياة بعد تجارب مليئة بالصراعات والحزن على وفاة أبويه، وكثير من شيوخه، إثر وباء الطاعون الذى انتشر فى جميع أنحاء العالم سنة 749 هجرية (1323 م) وتفرغ لأربع سنوات فى البحث والتنقيب فى العلوم الإنسانية، معتزلاً الناس فى سنوات عمره الأخيرة، ليكتب سفره أو ما عرف بمقدمة ابن خلدون ومؤسساً لعلم الاجتماع بناءً على الاستنتاج والتحليل فى قصص التاريخ وحياة الإنسان.

 واستطاع بتلك التجربة القاسية أن يمتلك صرامة موضوعية فى البحث والتفكير.

 ابتكر ابن خلدون وصاغ فلسفة للتاريخ هى بدون شك أعظم ما توصل إليه الفكر البشرى فى مختلف العصور والأمم. وإن مؤلف ابن خلدون هو أحد أهم المؤلفات التى أنجزها الفكر الإنسانى.

وقال جورج مارسيز، إن مؤلف ابن خلدون يمثل ظهور التاريخ كعلم، وهو أروع عنصر فيما يمكن أن يسمى «المعجزة العربية». (إيف لاكوست).

كما أن ابن خلدون فى القرن الرابع عشر كان أول من اكتشف دور العوامل الاقتصادية وعلاقات الإنتاج. إن هذا النبأ قد أحدث وقعاً مثيراً، وقد اهتم به صديق الطرفين (المقصود به لينين) اهتماماً خاصاً. من رسالة بعث بها مكسيم جوركى إلى المفكر الروسى انوتشين بتاريخ 1912.

 وفيما يتعلق بدراسة هيكل المجتمعات وتطورها، فإنَّ أكثر الوجوه يمثل تقدماً يتمثل فى شخص ابن خلدون العالم والفنان ورجل الحرب والفقيه والفيلسوف الذى يضارع عمالقة النهضة.

ومكانة عائلته الاجتماعية مكنته من الدراسة على يد أفضل المدرسين فى المغرب العربى. تلقى علم التربية الإسلامية التقليدية، ودرس القرآن الكريم الذى كان يحفظه عن ظهر قلب، واللسانيات العربية، وأساس فهم القرآن، الحديث، الشريعة (القانون) والفقه علم التاريخ.

لقد تجمعت فى شخصية ابن خلدون العناصر الأساسية النظرية والعملية التى تجعل منه مؤرخاً حقيقياً- رغم أنه لم يول فى بداية حياته الثقافية عناية خاصة بمادة التاريخ- ذلك أنه لم يراقب الأحداث والوقائع عن بعد كبقية المؤرخين، بل ساهم إلى حد بعيد ومن موقع المسئولية فى صنع تلك الأحداث والوقائع خلال مدة طويلة من حياته العملية تجاوزت 50 عاماً، وضمن بوتقة جغرافية امتدت من الأندلس وحتى بلاد الشام. فقد استطاع، ولأول مرة، (إذا استثنينا بعض المحاولات البسيطة هنا وهناك) أن يوضح أن الوقائع التاريخية لا تحدث بمحض الصدفة أو بسبب قوى خارجية مجهولة، بل هى نتيجة عوامل كامنة داخل المجتمعات الإنسانية، لذلك انطلق فى دراسته للأحداث التاريخية من الحركة الباطنية الجوهرية للتاريخ. فعلم التاريخ، وإن كان (لا يزيد فى ظاهره على أخبار الأيام والدول) إنما هو (فى باطنه نظر وتحقيق وتعليل للكائنات ومبادئها دقيق وعلم بكيفيات الوقائع وأسبابها عميق، لذلك فهو أصيل فى الحكمة عريق، وجدير بأن يعد فى علومها وخليق (المقدمة). فهو بذلك قد اتبع منهجاً فى دراسة التاريخ يجعل كل أحداثه ملازمة للعمران البشرى، وتسير وفق قانون ثابت.

يقول: «فالقانون فى تمييز الحق من الباطل فى الأخبار بالإمكان والاستحالة أن ننظر فى الاجتماع البشرى الذى هو العمران ونميز ما يلحقه لذاته وبمقتضى طبعه وما يكون عارضاً لا يعتد به وما لا يمكن أن يعرض له، وإذا فعلنا ذلك، كان ذلك لنا قانوناً فى تمييز الحق من الباطل فى الأخبار، والصدق من الكذب بوجه برهان لا مدخل للشك فيه».

.. وللحديث بقية

رئيس حزب الوفد