رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

رؤى

ملامحها لم تغب عن ذهنى لحظة، كانت قلقة، خائفة، تشعر بانكسار وهزيمة، قابلتها منذ أيام بسيطة فى مركز للأشعة فى مصر الجديدة، ثلاث سيدات وأنا فى حجرة التجهيز للمسح الذرى، تدخل الممرضة تركب «الكانيولا»، تختبر السكر، تحقن الوريد بمحلول ملح، دقائق ويدخل الفنى المسئول عن جهاز «البى تى سكان» المسح الذرى، يحقنا بالمادة المشعة، بعد ثلث الساعة يدخل كل منا يواجه مصيره، يرقد على الجهاز ويمسح جسده من القدم إلى الرأس، بعد المسح تحقن الصبغة ويعاد تصوير الجسد مرة أخرى، بعدها ترتدى ملابسك وتعود لنفس الحجرة التى كنت تنتظر بها. هذه الأشعة هى الوحيدة التى تحدد حجم ونشاط الأورام، تكلفتها تتفاوت من مركز إلى أخر، لكنها فى كل الأحوال لا تقل عن 5 آلاف جنيه.

كانت فى منتصف الثلاثينات، تجلس بجوار باب غرفة المسح، عدت إلى مقعدى أنتظر نزع الكانيولا، سألتنى باضطراب عما يحدث، وهل ستشعر بآلام، كانت المرة الأولى لها، بدأت اوضح لها ببساطة، انفجرت فى البكاء:

ــ أنا خايفة على عيالى

ــ قلت لها: العمر غير مرتبط بالمرض، والموت يأتى فى لحظة، وإن شاء الله هتبقى زى الفل.

ــ عيالى لسة صغيرين

احتضنتها السيدة المجاورة لها، وحكت لها عن شقيقها: يعالج منذ عشر سنوات، خففنا عنها جميعا، وحكينا لها عن حالات تعالج منذ سنوات طويلة، وطمأنتها بان الله سيقف معها، من المؤكد سيمد يده لها، لم يسألها أحد عن موضع الورم، ولا أحد ممن سبق وقابلتهم حدد مرضه، الجميع يتحدث عن الألم، وعن تجارة الأطباء، وانتظار الأمل، وارتفاع ثمن الجرعات الكيماوية، السيدة المجاورة لى (فى السبعين من عمرها) شكت من النفقات التى أنفقتها على الأشعة والأطباء.

ذكرت أنها تزوجت صغيرة، أنجبت أربعة أولاد، تفرغت لتربيتهم، زوجها مثل سائر المصريين، يعمل بإحدى الشركات، ومرتبه بالكاد يكفى الأسرة، سألتنى عن تكلفة العلاج، ونصحتها أن تعالج فى احد المراكز التابعة للحكومة، هذه الأورام لا يقدر عليها غير القادر، وضحكت وقلت لها: إذا كان زوجك له حظوة ستعالجى فى أكبر المستشفيات بمصر أو الخارج، وإذا كنت مثلنا فليس أمامك سوى التأمين الصحى والمراكز المجانية.

عدت إلى المنزل وحاولت ان انفض صورتها من ذهنى، وللأسف الأسئلة تلاحقنى: ماذا فعلت؟، ما نتيجة المسح؟، وكيف ستوفر نفقات العلاج؟، نعم نفقات العلاج، هذا السؤال يجب أن نوجهه للحكومة، لماذا لا تصدر قرارا بعلاج غير العاملات، كانت فتاة أو سيدة فى المراكز المتخصصة وفى مستشفيات التأمين الصحى، نقترح معاملتهن مثل المؤمن عليه صحيا، ويمكن للحكومة أن تحصل 10 جنيهات شهريا عن كل سيدة من دخل أو معاش رب الأسرة، واعفاء جميع السيدات غير القادرات، لكى يعالجن بكرامة دون تأفف زوج أو استجداء مسئول، هل هذا ممكنا؟، الله أعلم.

[email protected]