عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

بدون رتوش

رحل عن دنيانا مؤخراً المشير عبدالرحمن سوار الذهب الرئيس السودانى الأسبق بعد حياة حافلة كان فيها جندياً مخلصاً فى الدفاع عن وطنه وخادماً أميناً لشعبه وحريصاً على وحدة أراضيه.

إنه عن حق عملة نادرة، فسيرته زاخرة بالعطاء عكست قيماً كثراً يتصدرها نكران الذات والزهد فى السلطة.

عقب الانتفاضة الشعبية التى اندلعت فى إبريل 85 وأطاحت بنظام الرئيس جعفر نميرى تولى سوار الذهب السلطة لفترة انتقالية لمدة عام بصفته القائد الأعلى للقوات المسلحة.

بيد أنه ما لبث أن رسخ سابقة فى العالم العربى بتخليه عن السلطة طواعية وتسليمها إلى حكومة مدنية عام 86.

آثر الابتعاد عن السلطة ليتفرغ للعمل الإنسانى فكان أن لعب دوراً رائداً فى دعم التعليم والاهتمام بالمجال الصحى وبالوضع الاجتماعى.

لقد آثر الابتعاد عن العمل السياسى وتفرغ للعمل فى منظمة الدعوة الإسلامية والعمل الخيرى، فترأس مجلس إدارتها وحصل على جائزة الملك فيصل تقديراً لجهوده خلال رئاسته لها، لا سيما مع ما قامت به المنظمة من تشييد عدد كبير من المدارس والمساجد والمستشفيات ومراكز الطفولة وملاجئ الأيتام، كما ترأس عدداً من الجمعيات والهيئات الأخرى منها هيئة جمع الصف الوطنى التى تعنى بإيجاد الحلول للقضايا السودانية والتى كان من بينها قضية دارفور.

ولا شك أن رحيله يعد فقداً كبيراً للأمة العربية والإفريقية، فهو من الشخصيات القليلة التى ظفرت بحب وتقدير الجميع لمواصفاته الشخصية وللدرس الذى قدمه فى الوفاء والعمل الخيرى وخدمة الإنسانية داخل وخارج البلاد.

ومن ثم تمتع بعلاقات طيبة ومميزة مع الدول الإفريقية والعربية.

يحمد للرئيس سوار الذهب تنحيه عن السلطة بإرادته الحرة، فأوفى بتعهده القاضى بالتخلى عن الحكم خلال عام واحد ليتم ذلك بالفعل عندما قام بتسليم السلطة للحكومة الجديدة المنتخبة برئاسة رئيس الوزراء صادق المهدى فظهر بوصفه القائد العربى الوحيد الذى بادر وتنازل طوعياً وسلمياً عن هيلمان السلطة وآثر بذلك اعتزال العمل السياسى.

سيظل سوار الذهب على الرغم من رحيله يشكل بتاريخه علامة فارقة فى الأمة بوصفه الشخصية النادرة التى لا تتكرر. سيظل يجسد الشخصية التى آثرت أن تعلى المصلحة العامة لبلدها ووطنها على حساب نفسها. مارس سوار الذهب نكران الذات من أجل وطنه. لم تهيمن عليه إغراءات السلطة ولم يسكنه شبق نفوذ الحكم الذى يتكالب عليه الجميع.. ترفع عنه وآثر العمل فى مجالات أخرى تصب بالإيجاب فى مصلحة الوطن. لم تجذبه كاريزما السلطة وإنما قهرها رغم أنها أطروحة ساحرة. ولهذا توج عن حق كعملة نادرة قلما يجود الزمن بمثلها. ولهذا سيظل العالم يذكره كرئيس سطر بنفسه صفحة ناصعة كأول حاكم تخلى عن السلطة طواعية. رحم الله سوار الذهب هذا القائد الوطنى وأكثر من أمثاله.