رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

 

ما زال الكثيرون عند الكلام عن الجماعة الإرهابية «الإخوان المسلمون» ودعم الغرب لها حتى الآن يرون ذلك ضربًا من الخيال، وأن النظام يستخدمها كفزاعة، وبعيدًا عن المؤشرات التى تؤكد تواجدهم ومحاولاتهم المستمرة لخلخلة النظام، إلا أن ما شدنى مؤخرًا ودفعنى دفعًا للإيمان بهذا المنحنى هما كتابان صدرا مؤخرًا، الأول «مستقبل الشرق الأوسط»، الذى أعدّه الكاتب والصحفى البريطانى «هيو مايلز»، مع المحلل السياسى البريطانى «آلستير نيوتن»، الذى يشير على صنّاع السياسات الغربيين، مستقـبلاً، أن يحاولوا احتواء حركة الإخوان المسلمين بطريقة إيجابية بنّاءة، تجعل من الحركة معتدلة (لا متطرّفة ولا مستبدّة) فى الحُكم، فلا تكون نسخة جديدة عـن الدولة الأمنية العلمانية التى كانت قائمة قبلَها، مؤكدًا أن تلك الوسيلة ستكون الرابحة فى النهاية للعودة للحكم من جديد وخاصة فى مصر!

وهناك كتاب آخر بعنوان «الإخوان المسلمون والغرب: تاريخ العداء والانخراط» لكاتبه مارتن فرامبتن، ومن خلال ما قدمه من تاريخ شامل لعلاقة «الإخوان» مع الغرب، والتى وصفها بكونها ملتبسة ومشكوكة وضبابية، وأحيانًا ودية حسب ما تقضيه مصلحة الطرفين، مستخدمًا العديد من الوثائق إلا أنه يرى أن الوقت الحالى شبيه بالماضى عندما فر من استطاع من «الإخوان» إلى بلدان عربية مختلفة، حيث وجدوا حاضنات للمنفيين من «الإخوان» المصريين فى فروع «الإخوان» فى دول عربية أخرى، وقد نصبوا خيامهم فى بلدان عدة مثل السعودية والكويت. ويسهب الكاتب فى شرح الرؤية الغربية تجاه «الإخوان» وعلاقتهم بالنظام الحاكم. وكان البعض يرى أن «الإخوان» يمكن أن يكونوا حصنًا منيعًا ضد التمدد الشيوعى، وأنهم الآن يمكن الاستفادة منهم ودعمهم.

ويعود الصحفى البريطانى «هيو مايلز»، والمحلل السياسى البريطانى «آلستير نيوتن» بالاستناد إلى إمكانية عودة الإخوان من جديد للمنطقة بالإشارة إلى نموذج ثورة الإمام روح الله الخمينى، فى إيران فى عام 1979، والتى أتت بنتيجتين غيرتا من مفهوم الإسلام والتغيير السياسى لدى الباحثين الغربيين. فمن جهة، قضت الثورة الإيرانية على منحى نظرية الحداثة الرافض للدين عمومًا بوصفه قوة منظِّمة للمجتمع، ومن جهة أخرى، بدأ المؤرخون وعـلماء الاجتماع ببحث مفاهيم التغيير الجـذرى، وسبُلِ مواجهة أنظمة السلطة بفاعلية الثورة العنفية، بقوة، إلى السطح من جديد، وهذا مع حدث بدء الحراك الشعبى الذى انتشر فى بلدان الشرق الأوسط فى أواخر عام 2010، والذى تصفه وسائل الإعلام بـ«الربيع العربى»، وهما يرون أن هذا من الممكن حدوثه ثانية لو تم دعم الإخوان بقوة وخاصة أن خلاياهم ما زالت موجودة فى الوطن العربى، مشيرًا إلى ما حدث فى سوريا وما زال مستمراً، رغم أن سوريا كان يحكُمها نظام علمانى لا تطاله مساءلة الشعب، فتحوّلت تظاهرة معارِضة للسلطة إلى حراك مسلَّح يهيمن عليه التوجّه الإسلامى، لم يكن هذا الحراك وليد دوافع محلية فحسب، بل كان بمؤازرة دوَل داعمة للانتفاض على الحُكم فى سوريا، كقطر والسعودية وتركيا والولايات المتحدة.

كان جزء من المشاركين فى الحراك المعارض للسلطة فى سوريا ينتمى إلى حركة الإخوان المسلمين، والجزء الآخر كان من أفراد ينتمون إلى الحركة «السلفية»، ثم كان للحركة «السلفية» أن استأثرت باهتمام الإعلام الغربى ودوائر السياسة فى الغرب، كونها الوجهَ العقيدى السائد للحركة المسلمة فى المنطقة، هكذا، صار الحراك المعارض فى سوريا ذا طابع إسلامى «سلفى» برمّته، مؤكدين أن الحضور الإسلامى ما زال موجوداً فى ساحات النقاش العامّة لدى جمهور الشرق وجمهور الغرب، بوصفه العمود الفقرى للهوية العربية والشرق - أوسطية، ما يؤكد أنه من الممكن العودة للمربع صفر فى تلك الثورات وعودة الإخوان، مع استخدام المجموعات المعارضة العناوينَ التى تطرحها الحركة الإسلامية، لأن هذه العناوين تمثـل الطبيعة الأصلية للثقافة التى يحملونها، مع الاستفادة من «السلفية» دون غيرها من الحركات الإسلامية بوصفها حركة عابرة للبلدان، شاملة لجهاديين، ونشطاءَ سياسيّينَ سلميّين، فما زالت السلفية النموذجَ البارز فى فهم الآخرين للإسلام، فى القرن الحادى والعشرين.