رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

أوراق مسافرة

كان الجيران بهذا الحى الشعبى يصحون بين يوم وآخر على صراخها وهو يضربها، ويعلو صوتها بأقذر السباب وهى تحت أقدام جسده الضخم، فيزداد ضربه وركله لها، فكانوا يطرقون الباب ليخلصوها منه حتى لا تنتهى «العلقة» لدراما وجريمة ضرب أفضى إلى الموت، وعندما اعتاد الجيران تكرار الحدث، توقفوا عن التدخل وقد ملوا القصة الرديئة المكررة التى باتت مشهداً أساسياً من تفاصيل الحياة بهذا الحى البسيط، والمثير فى الأمر أنها كانت بعد العلقة تخرج لعملها وقد تزينت وغطت كدمات وجهها بالماكياج، فيما يكون هو قد سبقها أيضاً إلى عمله المرموق متأنقاً متعطراً، كرجل محترم بمظهره لمن لا يعرفه، فيضرب الجيران كفاً بكف على حال هذين الزوجين البشعين، اللذين اعتادا إهانة أحدهما للآخر، ثم مداومة الحياة تحت شعار «من أجل الأولاد»، إلا أن الأولاد الذين تربوا فى هذا المناخ «السيكوباتى»، نشأوا مترعين بالأمراض النفسية، ولم يكن إصرارهم على النجاح فى الدراسة إلا ليتخلصوا من أبوين كريهين وليذهبوا بعيداً للعمل فى أى مكان.

«وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِى ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ» هذا هو الأساس والبنيان الذى بنى عليه أى زواج بشرى طبيعى، السكن.. المودة.. الرحمة، فأين هذا من هؤلاء الأزواج، وما مدى الجرم الذى ارتكبته الزوجة داخل منزلها ليهجم عليها زوجها كالوحش.. يضربها ويهين إنسانيتها وأنوثتها وكرامتها، وهل لهذا الجسد المهان أن يقبل لمسة الزوج فى المساء تحت غطاء «العلاقة الزوجية»، لتتحول العلاقة الشرعية الراقية إلى ممارسة حيوانية لا حب فيها ولا احترام.

هل عدم الرجل كل وسائل التفاهم والردع والزجر مع زوجته والتى سنفترض أنها مهملة وكسولة وغير مطيعة.. ووووو، بها كل المساوئ «بالطبع باستثناء الخيانة والعياذ بالله» هل عدم الرجل كل وسائلة وحكمته التى منحها الله له لإصلاح زوجته بالحب.. بالحسنى والموعظة الطيبة، والمجىء بحكم من أهلها وحكم من أهله لإصلاح شأنها إن عجز وحده عن إصلاحها، أى علاقة امتهان وإهانة تلك يمكن أن تقوم على أساسها أسرة وأطفال، وهو يضربها وهى تسبه وتلعنه والأطفال يشاهدون ويتدخلون ويبكون، على أى سلوك سينشأون، ومن سيحترمون فى المستقبل ويكون لهم القدوة والمثل الأعلى.

للأسف كثير من الرجال يعتقدون أن العنف والقسوة هما الطريق لإصلاح الزوجة أو قل تأديبها، متجاهلاً أن الله شرع للرجل طرقاً محترمة لتقويم الزوجة وتأديبها حتى وإن «نشزت» عنه، وأقصى درجات الـتأديب هجرها فى الفراش، وضربها، وفسر علماء الدين الأفاضل الضرب انطلاقاً من مضمون ما ورد بآيات القرآن الكريم نفسه، فقالوا: الضرب هو الهجر أيضاً، لقد بدأ الزوج وسارت خلفه الزوجة فى هدم أساس الحياة الزوجية وهدم القيمة والقامة أمام أطفالهما، وتدمير النموذج والمثل الأعلى فى حياة الصغار.

الرجل الذى يضرب زوجته أو يهينها أمام أولادها أو الجيران، رجل ضعيف الشخصية، فقد الحكمة والصواب، وتحول إلى كرباج بلا عقل، وبسلوكه فقد للأبد حب واحترام زوجته له، بل واحترام أولاده وجيرانه له، فمن يهينها زوجها تصبح مطمعاً للرائح والغادى، بل وتصبح فريسة سهلة للصيادين المتربصين بالغزلان الجريحة للتسلى بها.. ثم تلتهمها سائغة.

منح الله الرجل قوة البنيان ليعمل، ويكفى بيته، وليكون حامياً لأسرته وماله وعرضه، ومنحه العقل ليكون حكيماً فى تصرفاته يدير شئون حياته وبيته بتعقل وأناة، واستخدامه للعنف.. إلغاء للعقل، وكم من البيوتات المصرية خربت بسبب عنف الأزواج، وكم من الزوجات هربن وطلقن أو بالعياذ بالله «خانت» انتقاماً من زوج أهان كرامتها واستقوى عليها، و.. للحديث بقية.

[email protected]