رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

ع الهامش

فى بداية القرن الرابع عشر، حينما كانت أوروبا تعانى المجاعة والحروب الأهلية، كانت هناك حضارة إسلامية مزدهرة فى غرب أفريقيا امتدت من المحيط الأطلسى فى الغرب إلى بحيرة تشاد فى الشرق، فما سميت بمملكة مالى والتى ازدهرت فى عهد (مانسا موسى) أى الملك موسى، ويقول المؤرخون إنه أغنى رجل فى التاريخ لأن مملكته كانت غنية بأعلى سلعتين فى ذلك الزمان الذهب والملح.

ولد موسى كيتا فى عام 1280، وتولى عرش إمبراطورية مالى، خلفاً لعمه أبوبكر الثانى عام 1312، واستطاع بفضل حنكته السياسية بالإضافة إلى كونه عالماً ورعاً وبحنكته توسيع مملكته حتى ضمت موريتانيا والسنغال وجامبيا وغينيا التى اشتهرت بمناجم الذهب، كما ضم النيجر وتشاد ونيجيريا إلى إمبراطوريته.

اتخذ مانسا موسى من مدينة «تمبكتو» بجوار نهر النيجر عاصمة لمملكته وسميت تاريخياً بـ«جوهرة الصحراء» والتى كانت مهبط قوافل تجار الملح من كافة أرجاء غرب أفريقيا وكذلك تجارة الذهب المستخرج من المناجم، وعنى الملك موسى بـ«تمبكتو» ونظم شوارعها وشيد المساجد والمدارس والجامعات الكبرى.

ولعل رحلة الحج التى قام بها فى عام 1324 ما لفت إليه أنظار الرحالة والمؤرخين أمثال ابن خلدون وابن بطوطة والعمرى، وهو ما ذكروه فى كتبهم، منها أن قافلة حج الملك موسى التى أعد لها منذ جلوسه على العرش، ضمت آلاف الحجاج قدرة البعض بستين ألف حاج، منهم 1200 من عبيده يحملون معدات ذهبية مزخرفة و80 جملاً محملة بالذهب، وفى طريقه إلى الحرمين توقف فى المدن التى صادفها وتصدق بالذهب على من يصادفه من ذوى الحاجة وبنى مساجد بطول الطريق وحينما مر بالقاهرة والإسكنرية أهدى المماليك هدايا ذهبية وكذلك الفقراء وكان يبنى مسجداً كل يوم جمعة، وحينما أتم الحج وعاد فى العام التالى 1325 أنفق ما معه من ذهب واضطر للاستدانة حتى يرجع لمملكته، وذكر المؤرخون أن أسعار الذهب انخفضت بشكل كبير فى مصر لسنوات من كثرة فى أيدى الناس وهو ما نسميه الآن التضخم.

لكنه فى رحلة العودة صحب معه العلماء من مصر والأندلس إلى عاصمة ملكه وهم مَن شيدوا المبانى التاريخية التى جعلت «تمبكتو» منارة علمية وتجارية يقصدها كافة الشعوب حتى توفى عام 1337، وترك خلفه إرثاً حضارياً امتد لمئات السنوات.

وما تزال «تمبكتو» قائمة حتى الآن تتمتع بشهرة تاريخية يتطلع إليها السائحون الأمريكان خصوصاً وقامت هوليوود بإنتاج أفلام تجرى أحداثها فى تلك المدينة الساحرة فى قلب الصحراء صاحبة المبانى ومسجد جينجريبر الكبير الذى أنشأه الملك موسى قائما يذكرنا بعظمة الأقدمين.

ومن المحزن أنه فى عام 2012 أقدم مجموعة ممن ينتمون إلى ما يسمى تنظيم «القاعدة» على هدم بعض مقابر أولياء الله الصالحين بـ«تمبكتو» بحجة محاربة عبادة الأوثان!

وقامت اليونسكو بإعادة بناء ما تهدم ووضعت «تمبكتو» على قائمة مواقع التراث العالمى المعرضة للخطر، فهل كان يعلم الأحفاد تاريخ أجدادهم ومنهم مانسا موسى؟

[email protected] com