رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

مجرد كلام

أكثر من 4 آلاف قمر اصطناعي تستعد شركة «سبيس إكس» الأمريكية اطلاقها فى مدارات قريبة من سطح الأرض، لبث خدمات الإنترنت لكل دول العالم بسرعات خيالية وأسعار مخفضة، بعد أن نجحت الشركة فى إطلاق قمرين تجريبيين  فى شهر مارس الماضى.

هذا المشروع الذى سيبدأ أولى خطواته الجدية العام المقبل والمنتظر اكتماله فى العام 2026، سيتيح لأى انسان أن يستفيد ليس بخدمات الإنترنت المعروفة، لكنه سيتيح له إمكانيات هائلة ستغير بالتاكيد من شكل الحياة على سطح كوكبنا، بداية من الاتصال باى شخص فى العالم من موبايلك بدون حجب أو مراقبة، مرورا بمعرفة ماذا يحدث أمام منزلك أو سيارتك أو حتى أين يذهب أفراد أسرتك بل والتحدث معهم حتى  لو كانوا على متن طائرة تحلق فى السماء، نهاية بابتكار تطبيقات ستجعل موبايلك جاسوسا عليك يراقب تصرفاتك انت شخصيا،ويبلغ عنك إذا حاولت « التزويغ » من عملك، كما سيكون شاهدا على بصمة أصابعك و سجلك المرضى وتعاملاتك البنكية ومخالفات سيارتك، بل ولقاءاتك مع الآخرين.

البعض يرى أن موبايلك سيكون - بعد عدة سنوات – معبرا عن هويتك القومية، لن تحتاج بعدها إلى بطاقات هوية أو جوازات سفر عند ما تسافر إلى دولة أخرى ، بل ربما لن تستطيع مغادرة منزلك إلا وموبايلك فى جيبك.

فى مثل هذا الوضع كل شركات الاتصالات الكبرى فى العالم سوف تنهار، كل استثماراتها الفلكية التى تقدر بمليارات الدولارات ستتبخر فى الهواء، كل موظفيها سيكونون بلا عمل، لكن هذا هو اقل الآثار أهمية، فنحن على أعتاب نظام عالمى جديد، ستدخل فيه تطبيقات هذه التكنولوجيا المتطورة  فى أدق تفاصيل حياتنا، من اكبر مدينة لأصغر قرية على سطح الأرض.

صحيح أن الحكومات الوطنية لن تستطيع أن تتدخل فى هذه التطبيقات الجديدة لا بالمراقبة ولا بالمنع، لكن كل معلوماتنا ستكون فى أيدى هذه الشركة الامريكية العملاقة، وفى أيدى شركات أخرى  ستدخل بالتأكيد مجال المنافسة معها للحصول على نصيبها من مليارات هذه الكعكة الذهبية، والتجسس علينا أيضا.

كل المفاهيم الأمنية التى تدير بها الحكومات سياساتها مع شعوبها، أو تدير بها مصالحها أو صراعاتها مع حكومات العالم الأخرى سوف تتغير رأسا على عقب، هناك أساليب جديدة ستفرض نفسها على الجميع، لن يستطيع أحد أن يغلق الأبواب على نفسه أو يفتحها بالقدر الذى يتراءى له، لن تستطيع أى دولة أن تخفى سرا أكثر من عدة ساعات أو ربما دقائق.

سرعة تداول المواد الإخبارية سيفرض على الجميع البحث عن نظم مختلفة للحياة،ستتغير بمرور الوقت أساليب الحكم، وإدارة الصراعات السياسية والاجتماعية، و ستختفى مفاهيم الحروب العسكرية بالشكل الذى نعرفه الآن.

هذا العالم الجديد قادم إلينا فى غضون سنوات قليلة، إذا لم تستعد له حكومات العالم الثالث وتتواءم مع متغيراته، فسوف تدفع ثمنا غاليا من حريتها واستقرارها بل ومن وجودها نفسه.