رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

نحو المستقبل

إن السؤال الذى طرحه هذا العنوان كثيرا ما شغلنى؛ لأن كل ما شهده ويشهده العالم البشرى من نزاعات وصراعات وحروب انما هو نتيجة التعصب من فئات معينة من البشر لهويات معينة، وكل فئة من هذه الفئات المتعصبة لهويتها سواء كانت دينية أو عرقية أو فكرية.. الخ. سرعان ما تهب للدفاع عن ما قد تتصور ولو مجرد تصور أن ثمة ما يهدد هذه الهوية من الآخرين حتى لو كان هذا الآخر منتميا إلى نفس العرق أو مؤمنا بنفس الدين؛ فقد ضاقت بالبشر الهويات لدرجة أن مجرد الاختلاف حول تفسير آية أو فكرة فى هذا الكتاب المقدس الذى يؤمنون به أو ذاك يحولهم من أتباع دين واحد إلى أعداء متصارعين يتمسك كل منهم بما يعتبره هو وأصحابه التفسير الصحيح أو الطريق الأصوب للإيمان، فنجد أتباع الدين الواحد قد تفرقوا شيعا ومذاهب منهم المعتدل الذى اعتبر أن هذا مجرد اختلاف فى الرأى لا ينبغى أن يفسد للود قضية وأكثرهم المتطرفون الذين يعتبرون أن كل من خالفهم فى الرأى قد خرج على صحيح الدين، ومن ثم وجب محاربته حتى يرتدع ويؤمن بما يؤمنون هم به!! لقد حدث هذا للأسف لدى كل أتباع الديانات بصور متفاوتة وعبر التطور التاريخى لكل ديانة وأتباعها على حدة وتطور بهم الحال إلى ما نجده اليوم من صراعات تأخذ صورا شتى، لكن أسوأها على الاطلاق هو ما ترتب عليه الآن كل أعمال العنف الارهابية التى نسمع عنها ونشاهدها فى أركان العالم الأربعة!! إن أعمال العنف الارهابية هذه ما هى إلا انعكاس لضيق الأفق التى تجعل من المتعصب لهذه العقيدة أو تلك أو لهذا المذهب العقدى أو ذاك ينسى أن حقيقة أى عقيدة دينية فى واقع الأمر إنما هى فى الأساس دعوة إلى الحب والتسامح، دعوة إلى العيش المشترك بين المختلفين، دعوة إلى احتواء الآخر واحترام معتقده الفكرى أيا كان!!

وقد صدق الفيلسوف الهندى المعاصر اماراتيا صن، حينما قال فى كتابه المهم «الهوية والعنف»- الذى أحسنت سلسلة عالم المعرفة الكويتية صنعا بنقله إلى العربية - واصفا ذلك «إن التحريض على العنف يحدث بفرض هويات مفردة انعزالية وعدوانية يناصرها ويؤيدها محترفون بارعون للإرهاب على أناس بسطاء وساذجين».

وإذا ما أردنا تطبيقا عمليا لهذه الحقيقة الأخيرة فانظر وتساءل فى دهشة ممزوجة بالحسرة والألم على حال العرب والمسلمين اليوم: أليس ما يجمعنا من لغة مشتركة ودين واحد بل وبقعة جغرافية واحدة أكثر مما يفرقنا؟ أليس كل المسلمين مؤمنين بالله ربا وبمحمد صلى الله عليه وسلم رسولا؟ وإذا كان البعض قد مال إلى هذا الرأى أو ذاك فرأى أن أبا بكر كان أحق بالخلافة كما حدث بالفعل أو تشيع لعلى من الخلفاء الراشدين، فما تأثير ذلك على الصعيد العملى؟! إن كليهما قد مات مسلما موحدا بالله ومؤمنا برسوله فقد سلم علي بخلافة الصديق وائتمر بأمره ولو أنهما موجودان الآن لاتسعت دهشتهما مما يحدث من خلافات مذهبية وصراعات خفية بين أهل السنة وفرق الشيعة للدرجة التى حولت المسلمين من اتباع ديانة واحدة إلى فرق متناحرة ومتحاربة!! لقد استفاد الاسلام والمسلمون من كل الخلفاء الراشدين، التى بدأت بأكبرهم سنا وهو أبوبكر وانتهت بأصغرهم سنا وهو على، فماذا لو تم عكس ذلك ألم يكن المسلمون قد خسروا حكمة أبو بكر وحنكته وقوته فى الحق وهو الصديق الذى كان أول من آمن بالرسالة المحمدية ودافع عنها بكل ما أوتى من قوة!!

إن غياب التعقل والتعصب الأحمق هو عنوان الفرقة والصراع وسيظل، بينما التسامح والاقتناع بأن اختلاف الآراء والتفسيرات سنة بشرية خلقنا الله بها وقدرها لنا هو طريقنا إلى الوحدة والعودة إلى العيش المشترك الدافئ. فهل آن لأصحاب الهويات المتصارعة سواء كانوا من أتباع نفس العقيدة أو من أتباع عقائد متعددة وعرقيات مختلفة أن يدركوا أنهم جميعا منحدرون من أب واحد وأم واحدة وأنهم جميعا بشر تظللهم سماء واحدة ويعيشون على نفس الأرض، هل آن لهم أن يتسامحوا مع بعضهم البعض بعد رد الحقوق إلى أصحابها وتحقيق عدالة السماء فيما بينهم؟! إنه الحلم البعيد الذى يسعى كل المصلحين إليه فهل يتحقق يوما؟!

[email protected]