رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

بدون رتوش

السبت القادم تحل الذكرى الخامسة والأربعون لحرب أكتوبر 73 والتى جاءت لتغير المشهد كلية فى المنطقة، ومعها بدا وكأن العرب اكتشفوا أنفسهم فجأة عندما ظهر المقاتل القوى والسلاح والنفط والمال، ومن ثم جاءت هذه الحرب المشرفة لتحدد معالم مصير الأمة العربية بحيث لا يكون عرضة لألاعيب الحواة. فهمت مصر وفهم الرئيس السادات البطل خطة الإمبريالية المحبوكة والمحسوبة فى أدق جزئياتها. كان لا يمكن المراهنة على قبول إسرائيل الانسحاب من الأراضى العربية المحتلة، وبدا لمصر أن إسرائيل لا يمكن أن تتحرك خارج منطق الحرب، ولن تنسحب إلا بالقوة. فهمت مصر بأن أمريكا لن تتخلى عن محميتها إسرائيل لتصبح صديقة أو حليفة للعرب أو حتى طرفاً محايداً، ولهذا اتخذ الرئيس السادات القرار وتحملت مصر العبء الرئيسى فى المجابهة.

أرادها السادات أن تكون حرباً تحريرية شاملة اعتمد فيها فى الأساس على جيش مصر العظيم وعلى القوات المدربة بامتياز والتى رأى أنها تستطيع إرباك العدو وشل قوته العسكرية وهو ما حدث بالفعل.

حرب أكتوبر تستدعى دولاً عربية تبنت مواقف داعمة لها كالجزائر والرئيس بومدين الذى تحدث عن المقابلة العاصفة التى دامت ثماني ساعات بينه وبين ليونيد برجنيف، فلقد كان السوفييت ضد الحرب وقالوا صراحة:(نحن لا نحبذ قيام حرب جديدة فى الشرق الأوسط. كونوا واقعيين، قولوا لنا ماذا تريدون؟ إياكم أن تفكروا فى إزالة إسرائيل). يومها وصل الحوار بين بومدين وبرجنيف إلى حد بالغ الصرامة وفى إحدى اللحظات وضع بومدين على الطاولة شيكاً بقيمة 250 مليون دولار وقال لبرجنيف:(لنترك الاستراتيجيات والعلاقات والعقائد. أنا الآن مشترٍ للسلاح، ومن حق المشترى أن يطلب ما يريد). وهو الشعار الذى تحول إلى خطة تبناها العرب تعتقد أن سلاح النفط يمكن أن يستخدم مع دول أوروبا بحيث نفرض عليها أن تبيعنا السلاح الذى نريد وأن تمتنع عن بيعه لإسرائيل.

إنها حرب أكتوبر التى أريد لها أن تكون فاصلة، والتى تحقق معها تضامن عربى لم يحدث من قبل. ظهر الزعماء العرب فى صورة مشرفة تختلف عما كانوا عليه قبل هذه الحرب، فلأول مرة فى التاريخ العربى المعاصر يبدو الانسجام فى أحسن حالاته بين الدول التى شاركت فى مؤتمر القمة الذى عقد فى الجزائر فى 26 نوفمبر 73، ولأول مرة يظهر بشكل فعال اندفاع الدول العربية وتصميمها على استرجاع الحق السليب بكثير من الثقة بالنفس وبعيدا عن التهور، ولأول مرة يخطط العرب لكل شىء ويقرون سيناريو قابلاً للتنفيذ للمدى القريب والبعيد، ويقررون الإسهام سياسياً واقتصادياً وعسكرياً فى المعركة فى ضوء إمكانات كل دولة ويوزعون الأدوار فيما بينهم. إنها الصورة الرائعة التى سطرتها حرب أكتوبر العظيمة والتى نستدعيها اليوم على أمل أن تعود للأمة العربية هذه الصورة الوضاءة.