عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

أوراق مسافرة

 

انا أنثى.. أنا أنثى.. نهار أتيت للدنيا.. وجدتُ قرار إعدامى.. ولم أرَ بابَ محكمتي.. ولم أرَ وجهَ حُكّامى، لقد حكمتم علىّ منذ ولدت، حكمتم أنى لست إنساناً كاملاً، أنى أقل منكم، أقل عقلاً وحكمة وقوة، ومهما بلغت مع نفسى وأمامكم من تحدٍّ لكل صعاب الحياة لأثبت أنى إنسان كامل، وضعتمونى فى الصف الثانى لا الأول، رغم إنكم تحملوننى كل أوزار الحياة ومتاعبها إلا قليلاً تتحملونه أنتم أيها الرجال.

لقد رضيتم منحى قشوراً وهمية من الحرية، عسى أن أرضى بالفتات، وحرمتمونى فى الواقع من كل حقوقى الإنسانية، حقى فى الحياة بصورة طبيعية دون ضغوط أو قيود لم يفرضها شرع ولا دين، حقى فى الاختيار، فى الحصول على فرص النجاح المتعادلة أمامكم، فرص العمل والترقى الذى أستحقه وفقاً لجهدى وقدراتى، أوتنكرون رفضكم «أن تكون امرأة رئيستكم فى العمل ومحاربتكم لمن تتولى ذلك»، رغم تشدقكم بالتحضر والتقدم تتعاملون معى كجسد يثير فيكم دفين الشهوة.. لا كعقل وفكر وكيان محترم له مكانته وقدراته الخلاقة يجب احترامه.

من قال إن خروجى للشارع وتأخرى مع الصحاب هو منتهى حريتى كما تعتقدون، من قال إن ملابسى الضيقة ومساحيق وجهى هى منتهى أملى ومؤشر حريتى المطلقة، أيها السادة الرجال أنتم من شوهتم فطرتى، ولونتم بديهتى، زرعتم بداخلى هذا المفهوم الردىء الذى سجننى داخل دائرة الـ«جارية» فى سوق نخاستكم الكبير، مفهوم أن يكون جمالى وجسدى جواز مرورى لمجتمعاتكم، جواز مرورى لتحقيق أحلامى، جواز مروى غالباً إلى المناصب والمراكز، «إلا من رحم ربى منا وكانت له واسطة أو سند أيضاً من الرجال لحمايته».

سأتكلم عن المسكوت عنه.. ولا تكذبونى.. أو تهاجمونى.. أيها السادة، فى مجتمعاتنا الشرقية.. العربية.. الإسلامية، نتشدق بالتدين، والعيب والعار، ولكن تتربى البنت فينا منذ نعومة أظفارها - حتى وإن لم يقال لها هذا صراحة - على مفهوم الجارية.. المتاع.. الوعاء، جارية يتم إعدادها وتجميلها ليدفع فيها الشارى أكبر مبلغ ممكن من المال مستقبلاً تحت مسمى الزواج، نعم يتم إعداد الطفلة لتغرى الرجل، لتكون محط إعجابه بكل الطرق، ويكون الحزن والهم والغم نصيب ابويها لو افتقدت الطفلة معايير الجمال أو الإغراء، حتى وإن تفوقت البنت واجتهدت فى شهاداتها وعلمها، لا تسمع من الأم أو الأب سوى دعوة «يا رب أشوفك عروسة».

عروسة.. أنا العروسة الحلاوة التى أعدوها منذ طفولتها ليلتهمها الرجل، أى رجل يدفع، أو أى رجل يلتهمها فى الحرام بعينيه أو بتحرشه، أنا العروسة التى علمها كل من حولها بقصد أو بدون قصد أن تخضع للمقايضة.. أى مقايضة منذ - أو حتى قبل - أن تخط ملامح الأنوثة تفاصيلى.

لا تغضبن بنات جنسى.. وأنا أخوض بمشرطى.. قلمى عسى أن أصل لخلية الداء فأوقف انتشاره، أو أستأصله، فلا يستشرى المرض أكثر فى مجتمعنا، ولا يدمر ما تبقى فينا نحن الفتيات.. النساء من أخلاق وكرامة وحياء أنا.. أنتن.. الأنثى التى اضطرت كثيراً أن تقبل نظرات شرهة، وإيماءات قذرة وبعض اللمسات.. أو العياذ بالله المزيد من التجاوزات.. من هذا المدرس أو ذاك ولو كان فى عمر جدها، لتحصل على أعلى الدرجات، حتى لو كانت تلك الدرجات من حقها، وإن اعترضت أو فضحت، ستدفع ثمن احترامها لنفسها ولكرامتها.. درجات أقل مقابل درجات أعلى لتلك الأخرى التى استجابت للمدرس المقايض الذى نسى أنه مربٍّ أو أنه أخ أو أب لبنات.

لا لن أضع رأسى فى الرمال وأنكر وجود تلميذات وطالبات جامعيات دفعن ثمناً غالياً من كرامتهن وشرفهن مقابل النجاح أو الحصول على ما يستحققنه من درجات، ومن ترفض ترسب أو تنجح بالكاد.. لا أعمم.. ولكنى أرصد كثيراً مما صار يحدث.. يهدم أصولنا.. أخلاقنا.. كرامتنا وحياء بناتنا.. ولرفع الرؤوس من الرمال بقية.

[email protected]