رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

فى  مؤتمر الشباب الأخير قدمت فتاتان نموذجاً تطبيقيًا لفكرة جيدة أطلق عليها مسمى «الهوية البصرية» لمصر ولعدد من المحافظات المصرية. وكانت النماذج التى قدمتها الفتاتان تكشف عن حس فنى راقٍ ومستوى ثقافى متميز. النماذج التى عرضتها الفتاتان تضمنت المعالم المميزة لكل محافظة فى إطار مشاهد جمالية من المحافظة وتداخلت هذه العناصر كلها فى تكوين جمالى مبهر.

مع إعجابى بالفكرة والتنفيذ شعرت بغصة وإحباط، فقد استخدمت الفتاتان حروفاً لاتينية فى هذا التكوين البصرى، واستوقفتنى هذه الظاهرة التى أراها مؤشراً خطيراً على التراجع الخطير فى لغة الخطاب اليومى لفئات من الشباب الذين تلقوا تعليمهم فى مدارس اللغات الخاصة التى أصبحت مقصداً لنسبة كبيرة من أولياء أمور الشباب الراغبين فى أن يتلقى أبناؤهم تعليماً جيداً، فى هذا التعليم تراجع الاهتمام باللغة العربية، بالإضافة الى أن الطلاب الذين تلقوا تعليمهم فى هذه المدارس يحرصون فى أحاديثهم اليومية على استخدام اللغات الأجنبية أو لغة هجين تجمع بين بعض المفردات من اللغة العربية المطعمة بلغة أجنبية، وتساعدهم أسرهم على ذلك بعد أن ساد تصور بأن استخدام اللغة الأجنبية فى الحوار اليومى دليل على التميز الطبقى.

شعرت بأن الفتاتين بحسن نية ـ استخدمتا الحروف اللاتينية تأثراً بهذا المناخ، والخطورة هنا أنهما تستخدمان هذه الحروف اللاتينية ومفردات من لغات أجنبية فى أمر يتعلق بالهوية المصرية.

اللغة يا سادة من أهم عناصر «الهوية» وهجر هذه اللغة كلياً أو جزئيا أو استخدام عبارات هجينة تجمع بين بعض الكلمات العربية والأجنبية فى خليط مشوه، هذا الاستخدام يمثل عدواناً على «هويتنا المصرية» التى تشكل اللغة العربية أحد أهم عناصرها.

أعود الى الفتاتين وجهدهما المشكور فى ابتكار «هوية بصرية» لمصر فأكرر إعجابى بالفكرة والنماذج التى قدمتاها بشرط أن تعيدا النظر فوراً فى استخدام اللغة العربية كعنصر أساسى فى التشكيل الجمالى الذى أبدعتاه، ولحسن الحظ فإن «الحرف العربى» يتمتع بمرونة فائقة مكنته من أن يبدع به الفنانون تكوينات رائعة الجمال وسوف تجد الفتاتان فى الحرف العربى مرونة فائقة تمكنهما من اضافته الى الصور التى اختارتاها ليسهم «الحرف العربى» بجمالياته فى اضفاء المزيد من الإبهار الى التكوين الجمالي، وبهذا نستطيع أن نعتبر ـ بحق ـ أن هذه التكوينات الجمالية تعبر عن «هوية» مصر وعن «شخصية» المحافظات المصرية.

وأعلم أن البعض يجادل بأن هذه الصور يقصد بها مخاطبة السائح الأجنبي وأن استخدام لغة أجنبية ضرورة، فالرد هنا بسيط للغاية، اللغة العربية هى الأصل لأنها العنصر الهام من عناصر الهوية ويمكن أن يضاف الى جانب اللغة العربية التى يكون لها مكان الصدارة، يمكن ان يضاف ما يراه مصممو هذه «الهوية البصرية» من لغات أجنبية تناسب الجنسيات المختلفة للسائحين.

يبقى أن أضيف أننى قصدت التفريق بين «العربية» التى تعبر عن مصر كدولة و«الشخصية» التى تمثل المحافظات فكل المحافظات تقع تحت مظلة «الهوية المصرية» وأسجل هنا أن ما لفتنى الى هذه التفرقة مقال متميز للأستاذة الدكتور عزة هيكل بعنوان: «انها هوية مصرية» نشر بـ«الوفد» يوم الثلاثاء الماضى وهذا التوضيح أراه ضرورة أسجل به الفضل لصاحبه.