رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

نحو المستقبل

لا أدرى لِمَ تقفز فى ذهنى نظرية أفلاطون عن «المدينة الفاضلة» و«الملك الفيلسوف» حينما أقرأ أو أرى ما يقوم به الأمير محمد بن سلمان ولى عهد المملكة العربية السعودية منذ أن تولى هذا المنصب الملكى فى المملكة العربية السعودية الشقيقة، فمنذ ما يقرب من عام والقرارات الاصلاحية تتوالى وكأن الأمير يصارع الزمن لكى تتحول المملكة من حال الجمود الفكرى والرتابة الاجتماعية والسياسية إلى ذلك التحول المذهل نحو مرحلة من التحديث فى كل مجالات الحياة على أرض المملكة وكل ما اتخذ من قرارات وما تم بالفعل من إنجازات خاصة فى مجال الإصلاح الاقتصادى وتحقيق العدالة الاجتماعية بتحميل الأثرياء جزءاً من أعباء التنمية والعمل على تنويع مصادر وموارد الدولة وكذلك العمل على تمكين المرأة- التى تمثل نصف المجتمع - وإطلاق طاقاتها لتتمتع مثل الرجل بحرية الحركة والعمل ينم عن أننا أمام شخصية تتمتع بالحكمة والقوة فى آن معاً، فالحاكم الذى ينجح فى تحويل أحلام شعبه إلى واقع دون أن يخشى ردود أفعال صناع الفساد وسدنة الجمود ودعاة الغلو الدينى هو بلا شك أحد صور الحاكم الفيلسوف المتنور الذى يحكم بمقتضى الحكمة والعقلانية ويعمل على تحقيق الخير الأقصى للشعب ليتمتع الجميع بالرخاء والسعادة ويشعرون حقاً بجودة الحياة وأن المستقبل سيكون أكثر إشراقاً.

ومن هنا فإننى أتوقع بعد كل هذا التأييد الذى تلقاه اصلاحاته السياسية والاقتصادية والاجتماعية أن يواكب هذا إصلاح فكرى ضرورى يتمثل فى تغيير نمط الثقافة السائد المكبل بالكثير من القيود التى تعوق بحق حركة النهضة والتحديث ومنها على سبيل المثال منع الكتب الفلسفية ومنع تدريس الفلسفة بصورتيها النظرية والتطبيقية فى المملكة بحجة أننا لسنا فى حاجة إلى الفلسفة تحت دعاوى كثيرة وغير صحيحة، فالفلسفة هى علم إعمال العقل وهى العلم الذى يمكن الإنسان من اكتساب مهارات التفكير العقلى من القدرة على الحوار والإيمان بالرأى والرأى الآخر ومن ثم نبذ التعصب والتطرف إلى ترسيخ قيم التسامح والمحبة والتعاون المتبادل بين البشر أياً كانت أشكالهم ودياناتهم وهوياتهم. والفلسفة ليست أبدا ضد الدين أو تقلل من التدين بل هى على العكس من ذلك، إنها كما قال الفيلسوف المسيحى كلمنت السكندرى فى القرن الثانى الميلادى «الطريق الملكى للإيمان بالله»، وهى كما قال الفيلسوف العربى المسلم الكندى - فى دفاعه عن الفلسفة ضد من كانوا يحرمونها من علاة الفقهاء ورجال الدين فى القرنين الثانى والثالث الهجريين - فى رسالته إلى الخليفة العباسى المعتصم بالله «علم الأشياء بحقائقها.. ويحق أن يتعرى من الدين من عاند قنية علم الأشياء بحقائقها وسماها كفرا لأن فى علم الأشياء بحقائقها علم الربوبية وعلم الوحدانية وعلم الفضيلة، كما أكد هذا الفيلسوف العربى الشهير على أن الفلسفة ضرورية حتى لمن يرفضوها لأنه أن تساءلنا عن اقتناء الفلسفة يجب أو لا يجب، فإن قالوا يجب وجب عليهم طلبها وإن قالوا لا يجب وجب عليهم أن يحصروا علة ذلك وأن يعطوا على ذلك برهانا، وإعطاء العلة والبرهان من قنية علم الأشياء بحقائقها – أى من الفلسفة – فواجب إذن طلب هذه القنية بألسنتهم والتمسك بها اضطرار عليهم». وبعيداً عن كل هذا الحوار القيم والبناء فى تراثنا الإسلامى فإننا لا ندرس الفلسفة لنحفظ أو لنلقن آراءهم وأفكارهم وإنما ندرسهم لنتعلم ونتدرب من خلالهم على التفكير العقلى واكتساب مهاراته. وفى المقال القادم نزيد ذلك وضوحاً.

[email protected]