رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

نحو المستقبل

من الغريب والمدهش ونحن على مشارف مرحلة جديدة فى تطوير نظامنا التعليمى تطويراً شاملاً ليواكب العصر، ويكون من مخرجاته الخريج المتخصص المؤهل تأهيلاً كاملاً لسوق العمل ألا نسمع صوتاً للعلماء المصريين المتخصصين فى التربية والتعليم وهم يملأون أروقة كليات التربية فى كل محافظات مصر، فهل ذلك يرجع إلى عدم الثقة فى هذه الكليات وكوادرها العلمية والبحثية، أم يرجع إلى أن هذه الكليات قد افتقدت بريقها حينما لم تفلح فى تطوير نفسها لتقدم لنا المعلم المؤهل فأصبحت هى نفسها بحاجة إلى تطوير؟!

الحقيقة أن كليات التربية فى مصر ينبغى أن تكون بيت الخبرة الأول فى كل ما يتعلق بموضوع تطوير التعليم لكن الملاحظ أن دورها يتراجع نظراً لأنها هى نفسها تتراجع فى تطبيق برامج التطوير بها، وقد كنت شاهداً على أحد أهم هذه البرامج، وهو «المشروع القومى لتطوير كليات التربية»، فهذا المشروع نجح فى تطوير البنية العلمية لهذه الكليات وتزويدها بعشرات المعامل كما قدم لها لائحة استرشادية متكاملة تضمن التأهيل العلمى الجيد لخريجيها من خلال زيادة حصيلة المواد التخصصية التى يحصل عليها الطالب إلى 70٪ من المقررات التى يدرسها والاكتفاء بـ 20٪ للمقررات التربوية والباقى للمواد الأساسية والثقافية العامة، وعلى رأسها التفكير العلمى واللغات العربية والأجنبية، وهذه اللائحة –حال تطبيقها بالشكل الأمثل– كانت كفيلة بتخريج المعلم القادر على نقل المعرفة التخصصية لطلابه بعقلية علمية متفتحة ومبدعة لأنه سيتأهل فى مقرراته التخصصية من خلال الأساتذة المتخصصين من كليات الآداب فى مجال الدراسات الإنسانية والاجتماعية ومن كليات العلوم فى مجال العلوم الرياضية والطبيعية. ولكن ما حدث أنه قد «عادت ريما لعادتها القديمة»، فالكليات التى ارتضت هذه اللائحة وطبقتها لم تتعاون مع كليتى الآداب والعلوم إلا حسب الرغبة والهوى، بل سمحت –بكل بساطة– بأن يقوم أساتذة طرق تدريس المواد المختلفة وهم أساتذة تربيون فى الأساس بتدريس المواد التخصصية مما ساهم فى إفراغ التطوير الأكاديمى لهذه الكليات من محتواه!، وأعتقد أن إصرار كليات التربية – باستثناء الكليات التى تتضمن أقساماً علمية بالإضافة إلى الأقسام التربوية - على اجتراء أساتذتها على التعدي على المواد التخصصية وعدم إسنادها إلى المتخصصين الأكاديميين فيها لا يزال هو السبب المباشر لضعف مستوى خريجيها، فضلاً عن اهتزاز ثقة القائمين على عملية تطوير التعليم فى هذه الكليات نفسها كبيوت خبرة تحترم التخصص وتحرص على جودة العملية التعليمية!، ومن ثم عادت نغمة التشكيك فى دور كليات التربية وقدرتها على تأهيل المعلم الجيد وعاد التساؤل عن أيهما أفضل، هل تظل هذه الكليات على ما هى عليه فى تخريج معلمى المراحل المختلفة، أم تعود ليقتصر دورها -كما كانت كلية المعلمين العليا قديماً- على إعطاء الدبلومات التربوية لمن يرغب من خريجى الكليات العلمية التخصصية حتى يصبحوا مؤهلين لأقدس المهن وأشرفها: مهنة المعلم؟!

إن قضية إعداد المعلم هى المحور الرئيسى لأى محاولة جادة لتطوير نظامنا التعليمى، فالمعلم المؤهل هو الذى سيقوم بهذه المهمة وما لم يكن مؤهلاً لها تأهيلاً جيداً ستفشل كل خطط التطوير. وأعتقد أن إعطاء هذه المهمة التأهيلية لأى مراكز تدريبية أخرى –كما يحدث حالياً- خارج كليات التربية يمثل نوعاً من العبث وإهدار المال العام والازدواجية التى كثيراً ما نعانى منها وتتسبب فى فشل أى مشاريع شاملة لتطوير التعليم لأن هذه المراكز لا تستطيع رغم ما قد يتوافر فيها خبرات وخبراء لا يمكن أن تكون بديلاً لهذا الكيان الضخم المتمثل فى كليات التربية الموجودة فى كل محافظات مصر.

إن التركيز الآن ينبغى أن يكون على إعادة النظر فيما يجرى داخل كليات التربية وضبط وتصحيح مسارها حتى تقوم بدورها كاملاً أولاً كبيوت خبرة وطنية نعتمد عليها فى إعداد وتنفيذ مشروعات تطوير التعليم الأساسى، وثانياً فى إعداد وتأهيل المعلم الكفء لكل مراحل التعليم الأساسى وتطوير أدائه باستمرار عن طريق دورات تدريبية متجددة بعد تأهيله وتسليمه رخصة العمل كمعلم. ومن هنا ينبغى أن يبدأ بحق التطوير الشامل الذى نطمح إليه فى نظامنا التعليمى!

[email protected]