رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

نحو المستقبل

كثيراً ما يتساءل السائلون فى دهشة و يتحاور المتحاورون فى المحافل والمنتديات فى تعجب وغضب عن نقص الانتماء عند الشباب وخاصة المتعلم منهم!

والكثير من الآراء تتجه دائماً إلى إلقاء التهم جزافاً على الشباب بأن نقص الانتماء عندهم يرجع إلى انشغالهم بوسائل التواصل الاجتماعى الحديثة وجلوسهم الساعات الطوال أمام شاشات الكمبيوتر فى جلسات «الألعاب الالكترونية» و«الشات» مع أصدقائهم من مختلف دول العالم الغربى وخاصة أمريكا!! ورغم أن ذلك قد يكون أحد أسباب هذه الظاهرة.

إلا أنه فى اعتقادى أن الشباب لا ينبغى أن يلام على ذلك بقدر ما يقع اللوم على الدولة وجيل الآباء، فنحن «نعيب شبابنا والعيب فينا – وما لشبابنا عيب سوانا» مع الاعتذار للشاعر وبيت شعره الشهير «نعيب زماننا والعيب فينا وما لزماننا عيب سوانا»؛ فنحن الذين لم نعلمهم الانتماء منذ نعومة أظفارهم، ولتتساءلوا معى: من أين يأتى الانتماء؟ وهل يأتى الانتماء للدولة وللوطن تلقائياً بمجرد أن يولد الفرد على أرض معينة وفى زمن معين؟ الحقيقة أن انتماء الفرد لبلده ووطنه ليس عملية فطرية وإنما هى عملية معقدة مكتسبة يكتسبها الفرد شيئاً فشيئاً من خلال تلك الرعاية المستمرة له وتقديم كافة الخدمات التى تمكنه من أن يحيا وينشأ على حب بلده ووطنه؛ فنحن قد نشأنا على حب وطننا منذ نعومة أظفارنا لأننا وجدنا منه الرعاية والحب فقد بحثت عنا الدولة وألزمت آباءنا بإدخالنا المدرسة فى السادسة من العمر، وفى هذه المدارس فى أعماق الريف المصرى كان المعلم والناظر يعرفنا جيداً ويهتم بكل شئوننا ويتابع تفوقنا ويشد على أيدينا ويعطينا الهدايا الفورية من جيبه الخاص حتى نواصل الإبداع والتفوق، لقد تعلمنا فى مدرسة بها كل المعامل العلمية التى ندخلها ونمارس فيها التجارب العلمية، وبها حجرة الموسيقى المليئة بكل الآلات الموسيقية التى نتعلم العزف عليها بل ونستعيرها فى الإجازات المدرسية لنتدرب عليها، وفى فنائها الواسع مكان وآليات لممارسة كل الألعاب الرياضية من ألعاب القوى حتى كرة القدم، فيها الإخصائى الاجتماعى الذى علمنا الادخار وذهب بنا إلى مكتب البريد ليعمل لكل منا دفتر توفير باسمه ونحن لا نزال أطفالاً صغاراً، لقد كنا نحب المدرسة ونقضى اليوم الدراسى فى نشاط وحيوية وكم كانت الوجبة المدرسية شهية وممتعه نأكل منها حتى نشبع ونأخذ الباقى للمنزل، وهكذا فقد رعتنا الدولة وعلمتنا حتى انتهينا من الدراسة الجامعية ولم نكن ندفع لقاء كل ذلك شيئاً يذكر فكان من الطبيعى أن نعشقها وننتمى إليها بكل ما فيها من تراب الطرق ووجوه ناسها السمراء ونيلها الحانى وزعيمها المخلص. وحينما تقارن ما كان بما هو كائن الآن من انعدام الرعاية والاهتمام فى مدارس حكومية لا تعمل وتعليم خاص يدفع ثمنه الأهالى فى مدارس «موزاييك» تدرس مناهج فرنسية وألمانية وإنجليزية وأمريكية ويونانية وأخيراً يابانية، وفوق كل هذا وذاك فالمستقبل غامض بعد التخرج فلا فرص حقيقية للعمل ولا مناخ مناسب وموضوعى للترقى وتولى الوظائف القيادية بما يعنى أن الأفق قد سدت أمام عدة أجيال طوال الأربعين عاماً السابقة على ثورة يناير 2011م!، فقل لى بربك فى ظل كل ذلك: من أين وكيف يأتى الانتماء والولاء لمصر الوطن والأرض؟!