رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

علشانك يا مصر

لم يسعدنى تصريح البنك الدولى أن مصر أصبحت نموذجاً ناجحاً فى مكافحة الفساد، فهذه شهادة منه بأن مصر يملؤها الفساد براً وجواً وبحراً.

والمقولة الشهيرة التى أدلى بها الدكتور زكريا عزمى فى مجلس الشعب قبل ثورة يناير إن الفساد للركب يا ريس، لم يعد لها مكان خاصة بعد ثورة يناير.. الفساد فى مصر طال كبار الشخصيات العاملة فى الدولة، وأعتقد أن الفساد الأول هو  فساد التربية من  خلال الأب والأم.

الأب الذى لا يعرف الحلال والحرام، وكل  همه فى الحياة أن يجلب المال، أى مال ليس مهماً أن يكون رزقه عن طريق شرعى أو غير شرعى، لأنه بالكاد  يعيش ويريد أن يطعم أولاده ـ هكذا يقول كل من يجد فى الطريق غير الشرعى لذة وملاذاً آمناً لسد جوع أولاده ـ هذا ليس مبرراً لاتخاذ الفساد طريقاً للعيش والرسول الكريم صلى الله عليه وسلم قال: من  نبت جسمه من حرام فالنار أولى به.

هذا حديث الرسول الكريم، ولن أخوض فى شرحه أو تأويله فله ناسه.

لكن ما يعنينى أن الناس ـ طبعاً ليس كل البشر، لم يعد يهمهم مصدر رزقهم، هل هو من حلال أو  حرام!؟

وأن  كل ما يعنيهم أن ينعموا فى رغد، ويملكوا الأراضى والفلل والشقق، أو أنهم يتملقون المسئول لكى ينهبوا شيئاً ليس من حقهم سواء على المستوى الوظيفى أو المهنى  أو غيره.

الفساد  ليس أن تكون  راشياً أو مرتشياً، أو أن تبتز الغلابة أو غير الغلابة، أو أنك تستغل منصبك لتقهر به الناس، الفساد أيضاً هو أن تقلب الباطل حقا أو تحسبه كذلك، الفساد أن تحقق لنفسك مآرب أو هوى وتقفز على الحياة التى ليس من حقك العيش فيها أو الاستمتاع بها.

الفساد لا يحتاج الى تعريف أو توصيف فكلنا نعرفه ونعرف أركانه.

وربما لا يعجب البعض أن أقول إن الحياء مات، ولم يعد له وجود، وأن الخوف من الله سبحانه وتعالى أصبح درباً من دروب الخيال ـ أعوذ بالله من هذا ـ وما أدهشنى فى قضايا الفساد أن الكثيرين يجعلون من الفساد قيمة، ومن الابتزاز معنى وأنهما من  مقومات الحياة تحت مقولة «اللى يطول حاجة يخطفها»، كارثة أن يصل بنا الحال الى هذا المستوى الخسيس.

عندما قال الوزير محمد عرفان رئيس هيئة الرقابة الإدارية إن الهيئة تتصدى للفساد بجميع أشكاله وأنهم يضعون الأمر ـ الفساد ـ ضمن أولويات الهيئة ومواجهته قبل وقوعه.. أعتقد أن هذا الكلام لا يرضى الوزير عرفان، لأنه يقوله فى واشنطن على رأس وفد مصرى رفيع المستوى فى اجتماعه  مع قيادات البنك الدولى.. وأن هذا الكلام عندما يقال خارج حدود مصر يعد بمثابة نشر غسيلنا القذر على الملأ، وهذا لا يسعد أحدا من المصريين.. طوال حياتى الماضية لم أسمع أو أرى أى دولة عربية تتحدث عن الفساد فى دولتها خارج حدودها، والمعروف أن الدول تكافح الفساد بشتى صوره بكل قوة، وتطبق القانون على الفاسد سواء كان كبيرا أو صغيرا، قريبا أو بعيدا.

وأقول هنا لا أنكر مجهودات الرقابة الإدارية، وعلى رأسها الوزير محمد عرفان من كشف الفساد فى كل مؤسسات الدولة على حد سواء، والواقع نفسه يشهد لهذه الجهود الجبارة التى كشفت العديد من قضايا الفساد من بعض الوزراء وحتى أصغر موظف فى الدولة.

لكن ما أحزننى أن الفساد فى مصر بلغ الحلقوم ومقاومته  تحتاج الى عقود، علينا أن نعيد التربية الحقيقية الى المدارس والمدرس والبيت، وأن يرعى الرجل أولاده كما ينبغى لكى يعد أجيالاً تخشى الله أولاً ثم تقيم العدل ولا تظلم بفسادها أحدا.

وأخيراً إذا قتل الحياء فلا حياة.. أقيموا دولة العدل والقانون حتى لا يكون للفاسد مكان بيننا.

 

[email protected]