رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

لله والوطن

كل التقديرات والتحليلات تقول إن الجولة الأولى التى يقوم بها وزير الخارجية الأمريكى الجديد مايك بومبيو بدول منطقة الشرق الأوسط.. تهدف إلى «تمهيد الساحة وتوزيع الأدوار» استعدادا لمواجهة قادمة مع إيران.. قد تصل إلى مستوى الحرب بعد أن يتخذ الرئيس ترامب قراره المرتقب فى 12 مايو الجارى بانسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووى مع طهران.. وكذلك الترتيب لإحلال قوات «عربية» بديلة للقوات الأمريكية فى سوريا.. حال سحب الأخيرة أو خفض أعدادها.. وأيضا الترتيب لنقل السفارة الأمريكية إلى القدس المحتلة.

الجولة تشمل السعودية والأردن.. واسرائيل.. ولا تشمل مصر.. وهذا له دلالات اختلف حولها المتابعون للشأن «شرق الأوسطي».. خاصة فيما يتعلق بغياب مصر عن جولة بومبيو.. وإن كانوا قد اتفقوا على أن هذه الدول الثلاث الأولى سيكون لها الدور الأعظم فى الترتيبات الجارى الإعداد لها.

•• الرفاق يتجادلون:

هل تعمدت الإدارة الأمريكية تجاهل القاهرة فى هذه الجولة لتوجيه رسالة سلبية إلى مصر.. ردا على طلبها من قبل تأجيل زيارة مايك بنس نائب الرئيس الأمريكى لتزامنها مع إعلان ترامب القدس عاصمة لإسرائيل.. ثم رفض كل من الأزهر والبطريركية استقبال بنس بعد ذلك خلال زيارته للقاهرة؟.. وهل يعد ذلك انتقاصًا للدور الإقليمى المصرى لحساب قوى أخرى؟.. أو أنه يعكس توترا «بشكل ما» فى العلاقات المصرية الأمريكية؟.. أم أن استبعاد مصر من هذه الجولة فيه فائدة لها.. وربما يكون قد تم بالتنسيق مع القيادة المصرية التى تربطها بواشنطن علاقة استراتيجية يحرص الجانبان على ألا يعكر صفوها أى فعل ربما يكون الأمريكيون أقدموا عليه فقط من باب «البروباجندا السياسية» أو «جس النبض واختبار المواقف» تجاه ما ينتوون فعله بالمنطقة فى الفترة القادمة؟

•• بادئ ذى بدء

عليك أن تعلم.. من هو هذا المايك بومبيو الذى عينه ترامب وزيرا للخارجية خلفا للوزير السابق ريكس تيلرسون الذى أقاله الرئيس بسبب خلافات كبيرة بينهما حول عدد من القضايا الدولية الملحة.. على رأسها ملف «الصفقة النووية مع إيران» حيث ينتقدها ترامب بشدة ويعتزم الانسحاب إذا لم توافق إيران على تعديلها.. وهذا بالمناسبة موقف الرياض أيضا التى تعارض هذه الاتفاقية بشدة.. بينما كان تيلرسون يراها اتفاقية مقبولة وتحقق مصالح الولايات المتحدة.

أما بومبيو الذى كان يشغل منصب مدير المخابرات المركزية الأمريكية «CIA» قبل توزيره.. فيُعرِّفونه هناك بأنه «أحد صقور الإدارة الأمريكية» المقربين جدا إلى ترامب.. وهو معروف بأنه معارض شرس للاتفاق النووى مع إيران.. كما يشتهر بمواقفه المعادية للمسلمين الأمريكيين وغيرهم من الأقليات الدينية والعرقية هناك.. ويصفونه بأن يعانى من «الإسلاموفوبيا».. أو المعاداة المرضية للمسلمين.. ولا يقل موقفه من المسلمين وإيران تطرفا وتشددا عن موقفه من سوريا ورئيسها الأسد.. وهو من أشد المؤيدين لشن هجمات عسكرية ضد الجيش السوري.. ويرفض بشدة مثلما ترفض الرياض استمرار بشار الأسد وإدارته فى قيادة سوريا.

•• هذا التعريف فى حد ذاته

ربما تكون فيه الإجابة على ما طرحنا من تساؤلات.. فمصر موقفها واضح وثابت.. ولا يروق الإدارة الأمريكية.. من هذه الملفات الثلاثة التى يحملها بومبيو فى حقيبة جولته.. مصر ترفض قرار ترامب بشأن القدس وتتمسك بدعمها حقوق الشعب الفلسطينى فى إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية.. وأن تسوية النزاع الفلسطينى الإسرائيلى لن تتحقق سوى من خلال المفاوضات القائمة على أساس حل الدولتين.

وفى المسألة السورية.. تتمسك مصر بتضامنها مع الشعب السورى الشقيق فى سبيل تحقيق تطلعاته للعيش فى أمان واستقرار.. والحفاظ على مقدراته الوطنية وسلامة ووحدة أراضيه.. وحقه فى تقرير مصيره من خلال توافق سياسى جامع لكافة المكونات السياسية السورية بعيدًا عن التدخلات الخارجية.. ومصر لن تشارك بأى قوات لها فى سوريا إذا ما طُلب منها ذلك.. بعكس السعودية والأردن اللتين ترحبان بالمشاركة.

أما استدراج إيران للحرب.. مع إسرائيل أو غيرها.. وكذلك اتفاقها النووى مع الأمريكان.. فلا ناقة لمصر فيه ولا جمل.. وموقف مصر المعلن من ذلك ينطلق من سياستها الثابتة تجاه كل قضايا المنطقة.. والقائمة على ضرورة التعامل بالحوار والنقاش الفعال مع التحديات الخطيرة التى تواجه المنطقة بعيدا عن العنف والقوة.. بما يساهم فى تحقيق الأمن والاستقرار فى الشرق الأوسط.

•• وفى رأينا المتواضع

من أجل ذلك كله.. لم تكن مصر على أجندة جولة بومبيو.. لأنه يعرف ما كان سيجده من ردود فعل مسبقا.. وحسنا فعل هو ورئيسه بعدم التوقف فى القاهرة.. منعا للإحراج له.. ولنا.. ولا يسعنا هنا إلا القول: «بركة يا ترامب أنها جاءت منك ولم ترسل لنا صقرك بومبيو».