رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

رؤيــة

تقفز إلى ذهنى هذه الأيام حكاية تنتمى طرافتها إلى نوعية الكوميديا السوداء رواها الكاتب الكبير مصطفى أمين، الحكاية كما يقول بدأت بدعوة تلقاها من إحدى الهيئات فى دولة عربية فى الستينات من القرن الماضى لحضور تجربة مهمة رأت تلك الهيئة دعوة كتاب ومفكرى الأمة العربية ليكونوا أول الشهود على نجاح إنجاز علمى وتاريخى للهيئة.. وعند الوصول وارتداء المعاطف البيضاء لدخول ذلك الصرح البحثى الرائد جاء أستاذ بكلية العلوم متحدثًا عبر مكبر صوت فى أجواء شديدة الخصوصية والجدية التى تناسب الحدث وروعته، وأعلن العبقرى أن التجربة ستبدأ وأنهم وضعوا فأر تجارب فى قفص على بُعد عشرة كيلومترات من موقع وجودهم وأنه سيبدأ فى تلك اللحظة التاريخية توجيه سلاح سرى رهيب اسمه «أشعة الموت» نحو الفأر المسكين ليلقى حتفه فور وصول الأشعة، وأعلن بكل ثقة العلماء وشموخهم أن تلك الأشعة تفتك بكل ما تصادفها حتى البشر إلا من ارتدى ثوبًا أبيض وهذا سبب ارتدائنا المعاطف البيضاء.. وفى مشهد سينمائى دراماتيكى بدأت ماكينات ضخمة تزأر بصوت كالرعد لمدة خمس دقائق، ثم توقفت لتبدأ رحلة شهود التجربة إلى ذلك الفأر المسكين للتأكد من مصرع الفأر.. وكانت المفاجأة أن وجدنا الفأر يتقافز مرحًا وسعادة فى قفصه.. وظل الأستاذ العبقرى يكرر التجربة مع تقريب المسافة بين الفأر وتلك الآلات العبقرية حتى وصل حد أن جاءوا بالقفص وألصقوه بالآلة الجبارة لكن الفأر اللعين كان يزداد فرحًا وانتعاشًا فى قلة ذوق متناهية.. ويقول كاتبنا الكبير أن هذا الاكتشاف الفضيحة تكلف ٦٣ ألف جنيه «ولنا أن نتصور قيمة هذا الرقم فى الستينات».. وأن نصابًا استغل سذاجة وعبط بعض المسئولين عن هذه الهيئة وأوهمهم بأن هذا السلاح ممكن أن يبيد إسرائيل!! وينهى الحكاية كاتبنا الكبير مداعبًا القراء أنه نسى أن يقول إن الفأر لم يكن يرتدى معطفًا أبيض!!

والحقيقة أنه ورغم مرور أكثر من نصف قرن على حدوث تلك الوقائع ذات الدلالات المؤلمة فإن واقع البحث العلمى فى مصر والعالم العربى فى المراكز البحثية والجامعات يشهد أمثلة كثيرة تقترب منها، بل تفوق حكاية مصطفى أمين.. بداية من وحدات ذات طابع خاص فى الجامعات بات بعضها مجرد سبوبة للاسترزاق، وإلى مراكز بحثية كبرى يتم الإعلان فيها عن اكتشافات علمية، ثم يتم نفى صحة وجودها.. يبدو أنه لا بد أن نوجه أشعة الموت لكل اللى كان السبب فيما حدث ويحدث من تخلف علمى وعدم وجود قاعدة علمية حقيقية لدينا على أرض المحروسة.