عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

تقاربت من الأستاذ أحمد سعيد منذ سنوات بعيدة، بحكم عملى المهنى، ولمَ لا؟ وهو شخصية أثير حولها الكثير من الجدل، فهو الخبير الإعلامى أو صوت عبدالناصر، أو القطب الناصرى أو الزعيم القومى، صفات كثيرة تنطبق عليه، سواء تتفق معه أو تختلف فهو رجل قانون انضم للفدائيين عام 1951، والتحق بالعمل الإذاعى، وفجأة قامت ثورة يوليو 1952، وأصبح المناخ يموج بالأحداث السياسية المتلاحقة والمهمة، الأمر الذى أحدث فى حياته تحولا كبيرا خاصة بعد إنشاء إذاعة «صوت العرب»، التى ارتبط بها العرب ارتباطا وثيقا وأصبحت عرينه أو قاعدة صواريخه التى تدك بالحق أو الباطل الحصون والقلاع التى يجثم بداخلها المعادون لثورة 23 يوليو، ويقاومونها على طول المنطقة العربية وعرضها صال وجال، معضداً ومساندا لـ«عبدالناصر» ولأفكاره إلى أن حدثت نكسة يونية 67، فأنهت مشواره المهنى.

ثم تم اختياره ضمن مجموعة لعمل ما سمى حينها بالـ«توعية» فى سلاح الطيران، الذى ناله القسط الأكبر فى الهجوم والملامة، وكان «تيتو» الزعيم اليوغسلافى أعد مشروع مبادرة سلام بين القاهرة وتل أبيب وفى إحدى الندوات، تشجع أحد الضباط وسأله عن مبادرة «تيتو»؟

وقال سعيد: إن قبولها جريمة واستسلام.

فسأله الضابط: وماذا لو تم قبولها؟

فأجاب سعيد: قبل الثورة كانت الحرب العالمية الثانية شبه منتهية بانتصار الحلفاء الذين أعلنوا أنه لن يتمتع بعضوية الأمم المتحدة إلا من يشترك فى الحرب، فأعلن أحمد ماهر، رئيس الوزراء اشتراك مصر فى الحرب ولم يكن هذا الإعلان سيكلف مصر مليما واحدا، أو نقطة دماء واحدة، ومع ذلك مصر لم تعدم من ظهر له واغتاله فى ساحة البرلمان، وبعد هذه الإجابة أُبعد أحمد سعيد عن الظهور فى وسائل الإعلام.

ويقول أعداؤه إن ابتعاده عن الأضواء لأنه أذاع بيانات مضللة تبشر بالنصر، مع أن جميع وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمكتوبة أذاعت نفس البيانات، ولم يتم إبعاد أى مسئول فى الإعلام غيره.. هذا هو أحمد سعيد، الذى كانت تنتظر الجماهير العربية صيحته من المحيط إلى الخليج وكم من قادة وملوك ورؤساء وقفوا على أطراف أصابعهم خوفا مما كان سيقوله؟ وكم من عروش ارتعشت واهتزت عبر أثير كلماته؟ حيث تناول السياسة والإعلام من منظور تنفيذ سياسيات «عبدالناصر» بما لديه من ملكة قيادة الجماهير سواء للتهدئة أو للتثوير أو لتوصيل رسالة للحكام المعادين لـ«عبدالناصر» أو للاستعمار وبالطبع «سعيد» جاهد كثيرا فى عمله الإعلامى الذى أوصله إلى أن يصبح الإعلامى الأشهر داخل الوطن العربى.

أذكر فى 2005 جاء إلى القاهرة الزعيم الأسطورى الجزائرى أحمد بن بيلا، الثائر العريق الذى ينتمى إلى عمالقة الثوار، وبطبيعة الحال الحوار معه يثير اهتمام أى صحفى.

فتمنيت على الأستاذ أحمد سعيد أن أجرى حوارا معه فقال: يا ممدوح هو جاء على عين النظام ولا نريد توريطه فى أى تصريحات لأنه ثائر بطبعه، والنظام فى مصر «شوية» موظفين، وقد يتخذون قرارا «بجح» بمنعه من دخول مصر.. فأجبت بأن الحوار سيكون عن ثورة يوليو فقط.

وافق «سعيد» وحدد اللقاء وذهبت معه، حيث كان يقيم فى شقة السيد «عبدالحكيم» نجل الرئيس «عبدالناصر»، وبعد الانتهاء من الحوار شكرته على هذا السبق الصحفى بالنسبة لى فقال: يا بنى.. أنت تستحق هذا اللقاء ولو لم تستحقه ما كنت لبيت لك طلبك.. ثم إن هذه رسالتى أن أعطى الراية للأجيال من بعدى جيلا وراء جيل.

جلست مع الأستاذ أحمد سعيد عشرات المرات سواء للحوارات أو لزياراتى الخاصة له كتلميذ محب إلى أستاذه، أو ابن يزور أباه، فتأكدت أنه إنسان واضح وصريح فيما يخص معتقداته السياسية التى طالما دافع عنها، ويتمسك بمبدأ ثابت لا يحيد عنه، سواء رضى عنه الآخرون أو لا يرضون، ولم أضبطه ولو مرة واحدة يتاجر باسم «عبدالناصر» الذى ما زال يؤمن به أشد الإيمان، وإن كان انتقد معى قليلا من القرارات الناصرية لكنه يصفها بالسلبيات الصغيرة، ولذلك يرفض أن ينشرها إعلاميا، يؤمن أن دوره انتهى بعد النكسة، وراض بما حدث معه تمام الرضا، ويقول: يا ممدوح.. أنا اعتبرت نفسى شهيدا مع شهداء النكسة، لأنى لست أحسن من الضباط والجنود الذين استشهدوا.