رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

 

عندما وقع الرئيس السادات معاهدة كامب دافيد، واجه مقاطعة الدول العربية لمصر بحملة مضادة واستدعى الكتاب الموالون للسادات كل نقيصه وألصقوها بالعرب، وزعموا أن كل ما عانته مصر طوال الحقب السابقة وبالذات منذ النكبة الفلسطينية يرجع إلى أن مصر «تورطت» فى حروب مع إسرائيل وعداوات مع أمريكا من أجل عيون الفلسطينيين خاصة والعرب عامة، وأن التفات مصر إلى الداخل وفك ارتباطها العربى عامة والفلسطينى خاصة هو طوق النجاة.

لحسن الحظ فإن وعى الشعب المصرى كان الدرع القوية الذى تحطمت عليه هذه الافتراءات والدعاوى التى تسقط أمام وقائع التاريخ القريب والبعيد، هذا التاريخ الذى تؤكد وقائعه أن أمن مصر واستقرارها بل ووجودها لا يضمنه انغلاق على النفس وانفصال عن محيطها الإقليمى عامة والعربى خاصة.

راجعوا التاريخ يا سادة منذ عهد الفراعنة.. راجعوا هجوم الهكسوس من الشرق واحتلال أرض مصرية، راجعوا كل هجمات تعرضت لها مصر وسترون البوابة الشرقية (فلسطين والشام والعراق) هى نقطة الضعف عندما يطمع أحد فى مصر، وهى أى هذه البوابة الشرقية هى «خط الدفاع» الأول عن مصر.

هذه الحقائق كانت ماثلة على الدوام أمام من يتولى حكم مصر. من هنا كان انطلاق الجيوش المصرية للتصدى للتتار على أرض فلسطين ومطاردتهم لتأمين خط الدفاع الطبيعى عن مصر.

ومن هنا كانت حملات إبراهيم باشا على الشام وهو يطارد جيوش العثمانيين ليضمن استمرار الاستقلال المصرى عن الإمبراطورية العثمانية.

بنفس المنطق أدرك الملك فاروق خطورة الغزوة الصهيونية لفلسطين وتوحدت القوى السياسية المصرية المتناحرة على هدف واحد هو ضرورة التصدى لهذا العدوان الاستيطانى الإسرائيلى لأرض فلسطين باعتباره التهديد الأخطر لأمن مصر.

هذا هو الحديث العلمى والمنطقى الذى يحكم حركة الدول. وفى مقابل هذا المنطق تتحرك الدعاية الصهيونية الأمريكية بنشاط لإقناع المصريين بأن الاهتمام المصرى بالشأن الفلسطينى هو سبب البلاء وهو المسئول عن كل ما يعانيه شعب مصر، وأن مصر قدمت تضحيات جساماً من خيرة أبنائها ومن اقتصادها فى صراع لا علاقة له بمصر.

هذه الدعاية الخبيثة لا تستهدف إبعاد مصر عن الارتباط الطبيعى بالقضية الفلسطينية والشعب الفلسطينى، لكنها فى حقيقة الأمر ترمى إلى هدم خط الدفاع الرئيسى عن مصر حتى تتاح الفرصة للكيان الصهيونى مدعوماً بالإمبريالية الأمريكية ليهاجموا مصر أو على الأقل لإبقاء مصر مهددة باستمرار بعد أن يصبح خط الدفاع الرئيسى عن مصر وهو فلسطينى تحت سيطرة العدو الصهيونى.

الدفاع عن فلسطين أرضاً وشعباً هو قضية مصر الأولى وهو أيضاً قضية العرب، وهذا ليس حديثاً عاطفياً، لكنه حديث المصالح والأمن القومى المصرى والعربى. كل جهد مصرى سياسى أو عسكرى أو اقتصادى نبذله لإبقاء خط الدفاع الشرقى عن مصر (فلسطين) فى يد الأشقاء الفلسطينيين وبعيداً عن هيمنة إسرائيل هو فى الحقيقة دفاع عن المصالح الثابتة للشعب المصرى.