عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

أوراق مسافرة

 

يا عم انت جايلنا من أوروبا.. بلاش منظرة والنبى علينا! يا ستى انسى وعيشى عيشة أهلك.. إحنا طول عمرنا كده ومش هنتغير.. واللى مش عاجبه يرحل.. كلمات أسمعها أنا وأنت على أرض مصر، إذا ما انتقدت أعيننا وضعاً قذراً وسلبياً وغير لائق فى شوارعنا.. مصالحنا.. كل مؤسساتنا حتى فى أخلاقنا وحياتنا الاجتماعية والأسرية، إذا ما وقفت فى طابور ما لقضاء مصلحتك ورفضت دفع رشوة، ستجد من حولك يدفعونك دفعاً لترشى القابع خلف الزجاج لتقضى خدمتك وإلا يتم تعطيلها.. أى والله ستجدهم يهمسون لك أولاً «إديله حاجة عشان تمشى حالك وماتعطلناش معاك» وإذا تجاهلت همسهم تصاعد الأمر إلى «لكزك» فى كتفك «يا عم اديله حاجة واخلص» وإذا ازداد تجاهلك، سيتطوع أحدهم ليحرج تعففك ويخرج ورقة مالية من جيبه ويقول لك بوجه غاضب «يا عم أديله أنا بدالك عشان نخلص» وستضطر للسير وراء سياسة القطيع وتتحول فى كل مكان إلى راشٍ، وويلك لو لم تستجب للأوامر والأيادى السوداء.

لو انتقدت سوء الخدمة والإهمال المتفشى فى مصلحة ما، وعدم قيام المسئولين أو الموظفين بعملهم، أو انتقدت عيناك القذارة المنتشرة بالمكان لحد الصراصير أو الأبراص والقمامة أسفل الجدران الملوثة بالبقع الزيتية السوداء وكل المخلفات، والدفاتر الخاصة بك الملقاة على الأرض أو على أرفف متآكلة رغم أنها تضم أوراقك ومستنداتك المهمة والتى يصعب استخراج بدلها إلا بطلوع الروح، لو انتقدت هذا وحاولت التحدث مع المسئول أو الموظف بأن هذا المشهد غير لائق أو حضارى وكيف يقبلون هذا الوضع والغرف البشعة والأجواء الخانقة الكئيبة، ستجد أياً منهم يرد عليك: يا أستاذ احمد ربنا إنهم بيدونا مرتباتنا، والله إحنا حاولنا كتير نحسن الوضع بس محدش بيسمع.. بيقولولنا مفيش إمكانيات.. وسيطلب منك أن تحمد ربنا انهم بيشتغلوا لسه وبيخدموكم.. وبالطبع ستجد لسانك رغما عنك يلهج بالشكر والثناء لهم لأنهم يعملون فى هذا المناخ ويقدمون لك خدمتك ولو حتى بالرشوة وطلوع العين.

فى المدارس إذا لم تدفع معونة للمدرسة وتهديهم مكتبا أو سجادة أو أى شىء، أو تقدم مبلغاً ما هنا أو هناك ولو لتزيين الفصول، أو تقدم هدايا من خلال طفلك للمديرة أو المدير أو للـ«ميس» فى أعياد الأم.. الطفولة.. شم النسيم.. الفطر وكل الأعياد وحتى عيد اليتيم وكل الأعياد، فويل لطفلك مما سيلاقيه من سوء معاملة و«استعناد» ودرجات فاشلة فى أعمال السنة، ولو حاولت الاعتراض والإصلاح ستجد كل الآباء الذين تعرفهم سيدفعونك دفعاً لأن تدفع وتستجيب وتهادن وتتهاون.. مشِّى حالك.

الأيادى السوداء تدفعك دفعاً للاستسلام لكل ما هو سلبى وقبيح وقذر، العقول السوداء تجبرك لأن تولى وجهك للجدار، وترفع يديك لأعلى وتستسلم وتسلم كل مقاليد أمورك لهم، القلوب والأنفس السوداء تحرمك من التفاؤل والمطالبة بتحسين الأوضاع ورفض أى شىء سلبى، الأعين السوداء لا تجعلك ترى ما يمكن أن يكون أجمل.. ولا حتى تحلم بهذا الأجمل.. عليك أن تقبل القبح بكل أشكاله، حتى لا تصير أوروبياً فى نظرهم وكأن التقدم الأوروبى سبة فى الجبين وعار، حتى تعيش عيشة أهلك المتخلفة.. ولكنى أعترف لكم أنى لست أوروبية حتى وإن عشت بها سنوات.. وأعيش عيشة أهلى أخلاقياً، ولكنى أرفض كل هذ اللون الأسود.. وعلينا ألا نقبل وألا نستسلم وأن نسعى للتغيير بكل ما نملك من قوة من أجلنا.. من أجل أولادنا.. من أجل ثورتين وأحلام كثيرة من حقنا أن نحققها.

[email protected]