عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

أوراق مسافرة

النداهة.. ينادينى دفئها فى عز الشتاء، ماؤها الرقراق الذى لا يزال غزيراً حتى الآن تتبختر على صفحته المراكب الكبيرة والصغيرة حاملة أطيافاً وأجناساً من كل العالم، جزرها الخضراء التى تتغلغل النيل بأبدع النباتات والأشجار وأحجار الزمرد والجرانيت، معابدها.. آثارها المفعمة بسحر الأساطير الممزوج بحضارة وادى النيل، سمرة أهلها الطيبين وتفاصيل الشهامة والجدعنة والكرم العفوى، صوت الدف والطبلة المطعم بالناى، وأغنية تنساب حالمة تمس شغاف القلب وتحرك كوامنه من أبناء النوبة المتربعين فى جوانبها، النداهة لقلبى ومشاعرى.. أسوان، هكذا أعتبرها بعد ساحرتى الإسكندرية بكل ما لها وما عليها، أزور أسوان بين فترة وأخرى على أمل أن أراها تتغير للأحسن، وأصاب دوماً بخيبة أمل كبرى، قذارة شوارعها باستثناء بعض الميادين الكبرى، محطة القطار الرديئة المشهد والتكوين والتى تعود بنا إلى بداءة الستينات، البيوت العشوائية والأخرى المتهدمة الملاصقة للفنادق لتخلق لدى الزوار مقارنة سلبية متنافرة لا تناغم فيها ولا وئام.

الطبيعة الخلابة بأسوان فى حرب دائمة مع يد الإهمال السوداء التى تطحن أرجاءها، وأقسم أن تلك المدينة لو حبا بها الله أى دولة أخرى فى العالم بطبيعتها ومناخها وبكل ثرواتها الهائلة من رخام الجرانيت وغيرها، والله لصارت تلك المدينة منارة السياحة بالعالم وأهم المدن العالمية لتنوع عناصر الجذب بها من قديم وحديث، حجر وشجر وبشر، ولكن للأسف أسوان لا يحدث بها أى تطوير أو تجميل أو تحسين إلا لماما، يمر من تقلب عليها من محافظين مرور الكرام، وكأن أمرها لا يعنيهم، وكأنهم ضيوف وسيرحلون دون ترك أى أثر إيجابى بها.

القذارة والحيوانات النافقة تسبح على مياه النيل بمعظم الأماكن، النساء والأطفال لا يزالون يستحمون ويغسلون المواعين فى أطرافها، حتى جزيرة النباتات التى تضم آلاف الأنواع من النباتات والأشجار والزروع النادرة، التى لو تم بالفعل استثمارها والترويج لها لأصبحت أسوان من أغنى مدن العالم، فحديقة النباتات التى لم تسلم من الإهمال بزعم عدم وجود موازنة لتطويرها وتنمية ما بها من نبات وزهور وتنمية تلك الشتلات النادرة والتى تعد مصدر دخل لملايين الجنيهات لو تم مراعاتها والترويج والتسويق لها فى العالم، حديقة النباتات بكل روعتها تحتضر فى جوانب كبيرة لعدم وجود موازنة، وقس على هذا ما يحدث فى متحف النيل، والذى يعد أروع المتاحف المتميزة فى العالم لطابعه الأفريقي، المتحف لا يجد للأسف من مستثمرينا ولا رجال أعمالنا الوطنيين من يمدون له يد العون للاستثمار فيه وتنفيذ حلم المتحف «الأفريقى الحى» المتكامل به، المتحف يعد رمزا لتضامن وتكاتف دول حوض النيل، وله دور تثقيفى وتنموى ولن أقول سياسياً فى ربط شعوب دول حوض النيل من خلال ما يحتضنه من نماذج ثقافية وتاريخية ومجتمعية، يهدف من ورائها القائمون على المتحف تضفير العلاقات بين شعوب تلك الدول وتضفير الثقافات ومصالح الحاضر والمستقبل لدرء المزيد من المخاطر التى سببتها الفرقة بين دول حوض النيل والتى حصدت مصر أخطرها "سد النهضة"، ومحاولات تعطيش أهل مصر، خطة تطوير متحف النيل لا تزال حلما فى أذهان من حاربوا لأجل إقامته.

الأيادي السوداء منتشرة فى أسوان، وتحرم أهل المدينة من الانتعاش السياحى ومن فرص عمل كبيرة، من الوصول إلى حد الرفاهية بل قل الكفاية، أهالى أسوان بسبب الإهمال وعدم التطوير وعدم الترويج السياحى فقراء فى أغلبهم، رغم ما يتوافر للمدينة من ثروات طبيعية وسياحية كان سيجعلهم من أثرى أبناء مصر.. مطلوب نظرة جادة لأسوان والقضاء على التخلف والعشوائية المهيمنة على معظم الأماكن، وللحديث بقية.