رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

• تحدث زملاء كثيرون عن مجلس نواب مصر ، البعض يراه مهادنا، والآخر يعتبره مجرد غرفة تشريعية فرضتها ظروف البلاد،  وآخرون أنتمى إليهم أشعر بأنه أول برلمان وطنى ينجز فى وقت قياسى أكبر عدد من مشروعات القوانين المهمة بل والخطيرة، كونها ضرورية  للشعب ولتفعيل الدستور، ولإكمال التناغم بين مؤسسات الدولة التنفيذية والتشريعية والقضائية.

• سيتهمنى فريق من المشككين بأننى أجامل، أو أتودد، أو أى شيء من هذا القبيل، ولكن من شاهد الجلسة العامة أول أمس، أو قرأ أحداثها ، يشعر بأن  مجلس النواب بدأ يسترد مصر ، ويعيدها فعلًا إلا ناصية الرقابة الشعبية الحقيقية. ثلاثة وزراء جملة واحدة، تلقوا جرعة قوية من الهجوم العنيف وخضعوا لانتقادات علنية شديدة من نواب عن محافظات مختلفة، ومع ذلك صمدوا فى الميدان، وأثبتوا جميعًا للشعب أن زمان التمثيليات والمسرحيات والمشاهد المصنوعة قد ولى، وأنه لم يعد هناك مكان لمنافق أو مخادع أو مراوغ بينهم ، فكل شيء مكشوف ومعروف ولا يحتاج لأى أقنعة او مساحيق تجميل.

• لن أسمى نائبًا ، فجميع من تحدثوا فى تلك الجلسة كانوا فرسانًا ، أثلجوا صدور الملايين فى دوائرهم ، ليس لأنهم هاجموا بشدة الوزراء ، وتابعاتهم العدسات والفلاشات ، ولكن لأنهم أثبتوا أنهم غيورون على هذا البلد ، وأنهم بالفعل يستحقون أن يكونوا نوابًا عن شعب مطحون يبحث عن أى علاج للتعافى من مشكلات وأزمات مزمنة.

• شاهدنا وزير الرى محمد عبدالعاطى وهو محاصر فى موقف لا يحسد عليه ، بين طلبات إحاطة وبيانات وتساؤلات مختلفة من أعضاء مخضرمين ، انتقدوا الوزير وقدموا الأدلة والبراهين ،  بكل احترام وتقدير ومن دون أى خروج عن النص أو التقاليد البرلمانية ، فى مشهد ديمقراطى لم نألفه كثيرًا، ولكنه كان حقيقة دامغة ، تثبت أن مصر ( السيسى ) أصبحت بالفعل دولة حديثة ، لم يعد يخشى فيها الوزير نائب الشعب ، وإنما جاهز للرد على تساؤلاته وطلباته التى هى فى النهاية تجسد نبض الشعب.

• اعترف وزير الرى بأن هناك أزمة فى المياه، وكأن الترع والمصارف تعانى من شح المياه ، وكان أكثر شجاعة وهو يؤكد الانتقادات التى وجهت له، لم يلق بالمسئولية على الآخرين ولم يقدم كبش فداء  ولا وعدًا بتصريحات وهمية ، واجه الانتقاد بالواقع، وكانت أسلحته جاهزة، عندما أصر على تغريم الفلاحين المخالفين لزراعة الأرز، ولم يتنازل تحت ضغط النواب وسهامهم، لأنه على حق  فى هذه القضية، إذ ليس من المعقول أن يطالبه النواب بتوفير المياه للفلاحين، وفى الوقت نفسه يطالبونه باستثناء من يستنزفها ويهدرها وإعفائه من العقاب ... قمة المسئولية أبداها عبد العاطى وقمة الديمقراطية عندما شعر نواب الشعب بوطأة الأزمة ووجاهة دفاع الوزير.

• هجوم النواب وإن كان مستحقًا، لكشف الحقيقة وإرضاء جماهيرهم فى الدوائر بالسعى لحل مشاكلهم ونقل تطلعاتهم وأمانيهم للحكومة ( السلطة التنفيذية )، إلا أنه ينقصه أحيانًا وفى بعض القضايا المصلحة القومية  والوطنية العليا، التى يجب أن تتغلب على أى عاطفة، فحصة مصر من المياه محددة ولا تزيد علي 60 مليار متر مكعب (  55مليارًا من حصتها فى نهر النيل، والمليارات الخمسة الأخرى من المطر)، وهذه الحصة تكاد تكفى بالكاد نصف احتياجاتنا واستهلاكنا.. ولذا كنت أتوقع من النواب المنتقدين أن يبحثوا مع الوزير عن وسائل للحد من هذا الاستنزاف، وأن يمكنوه كجهة تشريعية بمشروع قانون جديد يحاسب ويحاكم كل من يثبت استنزافه للمياه واستخدامها فيما لا يفيد بالحبس أو السجن وبأشد العقوبات، ولا تنتهى جريمته بغرامة بضعة آلاف.

• الانتقادات التى وجهت للوزير عبد العاطى كانت فى مجملها موضوعية وواقعية، إلا انتقادًا واحدًا وجهه النائب الحسينى، لم يكن فى موضعه، وهو الخاص بهدم أجزاء من النادى النهرى لنادى الزمالك، فعملية الهدم وكما يعلم الجميع قانونية ، ولم يكن مقبولًا أن يزج بها الحسينى ، ويصور للجميع أن النادى تعرض لمؤامرة ، وأن الوزير غير عادل وغير محايد، ولا يستطيع أن يهدم أية مخالفات أخرى على النيل ، بقوله للوزير «نادى الزمالك من الأندية الوطنية.. وتعلم أن هناك مخالفات كثيرة لأندية أخرى ولكن متقدرش « فى تلميح واضح بعدم وطنية الوزير وبعجزه عن  إزالة أندية أخرى تتبع أجهزة سيادية وحساسة بالدولة ».

• المعركة كانت ساخنة ولكنها كانت مثمرة ومفيدة، وصبت نتائجها فى صالح مصر وشعبها، وخاصة عندما  كشف الأعضاء عن وقائع فساد بوزارتى  البترول، والتنمية المحلية، وطالبوا بمحاسبة الوزيرين، ومحاكمة المتورطين فى هذه الوقائع ..

• إن نوابًا بهذه الوطنية وإن فتحوا النار على آخرها لا نلومهم، لأنهم فى الواجهة، وفى قلب الميدان مع المواطن، بل نطالبهم بالمزيد والمزيد.. فهذا دورهم وواجبهم .. وعلى الوزراء أن يساعدوا برلمان الشعب لتطهير أعشاش الفساد التى يوجه الرئيس دائمًا  بترصدها،  لبناء مصر الحديثة  على أسس النزاهة والشفافية.

• أتمنى لو شهدنا الجلسة القادمة معركة وطنية اخرى، عن (مغارة الأوقاف)، ففى هذه المغارة كنوز مخفية، تكفى بملياراتها إخراج مصر من عثرتها  الاقتصادية، ويحسب لهذا البرلمان الذى ولد فى فترة من أصعب الفترات التى مرت بها البلاد أنه نجح فى تحقيق ما فشلت فيه البرلمانات السابقة .

[email protected]