رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

 

قبل يوم واحد من نشر مقالي الأول في «الوفد» بعد مدة طويلة، كنت قبلها أنشر قطعاً نقدية عن أعمال أدبية، والذي تكرم الأستاذ وجدي زين الدين رئيس التحرير بدعوتي لكتابته، فوجئت بمقال الأستاذ وجدي عن منظمات المجتمع المدني التي اعتبر أعضاءها خونة وجواسيس مأجورين وأعداء للوطن.. إلخ.

انزعجت إلي درجة لا تحتمل، ليس من الأوصاف ذاتها، فقد اعتدت عليها منذ عقدين من الزمان، تأتينا من كل وسائل إعلام السلطة، الانزعاج أنها جاءت علي لسان رئيس تحرير صحيفة «لا حكومية» ناطقة بلسان أهم منظمة مجتمع مدني حديث في مصر «بالمعني الشائع» هو حزب الوفد.

لدقائق أخذت أدرك أنني قد وقعت في فخ الكتابة في صحيفة تدعي الليبرالية أو ينبغي أن تكون كذلك وكان أمامي أحد اختيارين، إما أن اتصل بالأستاذ وجدي وأطلب منه عدم نشر مقالي الذي كان عنوانه «عضة فأر وVIP» وإما استمر في الكتابة لدحضهم مثل هذه العبارات الفجة والتعميمية والتي لا تعلم شيئاً عن معني مجتمعات المدنية نظرياً ولا عن تاريخها في مصر، ولا عن معاركها ولا انتصاراتها ولا كوارثها.

قبل أن أرفع سماعة التليفون للاتصال بوجدي، كي أسحب نشر المقال، بدقيقة واحدة، فوجئت به يتصل معتذراً عن تأخر نشر المقال لأسباب تتعلق بالمساحة اللائقة به. وأنه سينشر غداً. حاولت أن أؤكد رغبتي في عدم النشر، لكنه كان حاسماً.

في اليوم التالي نشر مقالي، في مساحة جيدة وإخراج مهني مقبول في حدود الإمكانيات التحريرية، ثم لم يكن ثمة مبرر للانسحاب، وكان القرار:

لم يعد لأبناء جيلي من خيار نحن جيل السبعينيات، سوي نقل خبراتهم إلي الأجيال التالية. عشنا انتصارات جزئية ومؤقتة «من المؤكد أنها امتدت إلي الأجيال التي قامت بثورة 25 يناير»، وانكسارات بل كوارث، يبدو أنها أيضا امتدت إلي تلك الثورة، وما تلاها حتي الآن.

وباعتباري واحداً من أبناء هذا الجيل، الذي غلب عليه الطابع اليساري، بحكم مؤثرات كثيرة طبقية واجتماعية وسياسية وثقافية، عشت في عمق الحركة العلمية السياسية والثقافية، بكل تجلياتها، منذ انتميت إلي جامعة القاهرة 1971 وحتي الآن، رغم الأضرار الجسيمة التي لحقت بي شخصياً وبإنتاجي الثقافي والعلمي الذي أعتز بكونه في أعلي قيم الإنتاج العلمي في العالم، والذي تم إهماله وتهميشه بقرارات واضحة من أزلام السلطة ومدعي العلم.

«أعتذر عن الشخصنة لكن لدي الدلائل والأسانيد إذا أرادها أحد». بهذا الاعتبار أمتلك معرفة وخبرة وتاريخاً من الصراع مع السلطة ومع المعارضة بكل أشكالها في الجامعة، في حزب التجمع الذي كنت عضوا مؤسسا به ومع المنظمات الشيوعية التي كانت تسعي إلي تجنيدي، ثم مع ما سمي زيفاً بالجمعيات الأهلية أو g.nos، أو حتي في اللجان الشعبية للتضامن مع فلسطين أو لبنان أو العراق، وقد كنت عضوا مؤثرا فيها، وأحيانا، قياديا وفي كل لجان دفاع عن حرية الفكر.. أري- الآن- أن واجبي هو كتابة هذه الخبرات، سواء نشرت أو لم تنشر وعلي «الوفد»، وكل من ساهمت معهم في خبراتي، أن يتحملوني إذا أرادوا، وأن يتحملوا أيضا حجم الموضوعية العلمية التي أدعي أنني سأتحلي بها بدءًا من المفاهيم النظرية والمراحل التاريخية والسلبيات قبل الايجابيات، لأن غياب هذه الموضوعية العلمية- في الغالب- هو أحد أسباب كوارثنا الحالية.

«يتبع»