رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

هذه الحشود المتدفقة على دار المناسبات بمسجد الشرطة بمدينة أكتوبر لم تسرع الخطى إلى دار المناسبات مجاملة لأسرة "شمس الأتربي" لكنها حضرت ليعزي كل شخص فيها الآخرين ويتلقى العزاء فعندما غادرتنا شمس الاتربي شعر هؤلاء المتوافدون على "سرادق العزاء،"  شعر كل منهم بأنه فقد"بعضًا" من نفسه، وأنه لم يفقد انسانة عزيزة فحسب لكنه فقد  "الواحة"التي كانت تتجمع عندها دروب الصحراء القاحلة فتمنح من يصل إليها الظل الذي يقيه الحرارة القاتلة والماء الذي يروي عطشه والمأوى الذي يمنحه الأمل.

كانت شمس الأتربي مهمومة بقضايا الوطن السياسية والثقافية والفنية والاجتماعية، فلم تقف كغيرها موقف الساخط أو المؤيد بل رأت أن تحول بيتها إلى  "بوتقة "تتفاعل فيها مختلف  الآراء والتوجهات  المهمومة فعلاً بمختلف القضايا  التي تشغل الجماهير.

في منزلها تجتمع الشخصيات المعنية بالشأن السياسي على اختلاف توجهاتهم يتحاورون بأسلوب راق وعقول متفتحة هدفها معرفة الحقائق، أما المعنيون فالساحة تتسع لكل مبدع حقيقي فتتلاقح الأفكار، وكان للمثقفين في بيتها مكانة خاصة يتبادلون الرؤى وتطرح أحدث الأعمال الأدبية للنقاش الجاد.

وتقف شمس الأتربي كالمايسترو الذي ينظم هذه اللقاءات، لكنها تؤثر دائماً أن تبقى على مسافة واحدة من مختلف الرؤى.

لكنها عندما يتعلق الأمر بقضايا الوطن لا تتردد في الانحياز لما تراه صوابًا  وتواجه بجسارة وقوة ما تراه ضارًا بالوطن.

على مدى سنوات لم تغلق شمس الأتربي أبواب واحتها أو بوتقتها "بيتها"  في  وجه من يبذل جهداً في سبيل الوطن، وأولت الشباب عناية خاصة تستمع منهم وتتابع اندفاعاتهم وحماسهم وتنخرط معهم في النشاط بقدر ما تسمح به ظروفها الصحية والعملية.

وعندما يتولى متخصصون متابعة الحركة النشطة خلال السنوات الأخيرة والتي شملت مختلف المجالات الوطنية والثقافية والفنية فسوف يتوقف الدارسون طويلاً أمام هذا النشاط الذي بذلته شمس الأتربي دون أي ضجيج أو دعاية فقد كانت أحرص الناس على أن تتوارى في زاوية بعيدة، تراقب، وتدعم، وتساهم بسلاسة وفي صمت لا يكاد يشعر بها أحد.

وعندما فقدناها اكتشف الجميع كم كان وجودها مؤثراً بقوة، وظهر حجم الفراغ الهائل الذي تركته.

كانت مصر مكوناً هاماً في كل خلية من جسم شمس الأتربي، من هنا كان القلق والخوف على مصير البلد هاجساً يشغل قلبها  ويعشش في كل خلية في جسمها. كانت تقاوم بالتفاؤل وتحاول أن تجمع شمل كل المخلصين الحقيقيين ليساهموا  كل في مجاله في إنقاذ هذا الوطن والارتقاء به ليحتل المكانة اللائقة بتاريخه العريق.

الوفاء الحقيقي لهذه الانسانة  الوطنية الرائعة يحتم على المخلصين الشرقاء من رواد واحتها "بيتها" أن يواصلوا المسيرة التي كانت حريصة على استمرارها.