عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

وسط تراكمات من ثقل الأيام التي أمر بها، وسيول من الطلبات التي لا تنتهي، أو الوجوه العكرة التي تحيط بي، التقيت بـ« لطفي الميكانيكي» هذا الذي أخرجني من وسط كل التراكمات والسخافات والوجوه البغيضة.

وانا لم أتلقِ به، بل لقد ذهبت إليه بعد أن أصيبت السيارة في جانبها الأيسر جراء اصطدام مفاجيء من أحد التكاتك أمامي، وقد حاولت أن أتحايل على هذا الحادث وآثاره إلا أن أنوار الأيسر لم تعمل.

وعندما ذهبت لأحد مراكز الصيانة، أخبرني بتغيير الفانوس لآن الكرستالة اتشرخت ولمبات احترقت وإصلاحات داخلية أخرى ، وبعد أن قام بعمل حسابه، أخبرني بمبلغ يقارب راتبي الشهري. وهذا ما جعلني ألجأ للبحث عن حل وسط، وهو الذهاب لأحد الميكانيكية والذي أخبرني ببعض الطلبات لإصلاح عطل الكهرباء من فانوس وكسره من الداخل ولمبات وخلافة تقارب الخمسمائة جنيه.

تركت الأمر لله وتصرفات الأيام حتى تأتي نقود أستطيع إصلاح هذا العطل، وكل يوم يسحب الذي يليه، وأنا أتحاشى رجال المرور أو أن أحتك بأي ميكانيكي آخر ليصلح السيارة، إلى أن تتيسر الأمور.

وقد امتلكني إحساس عجيب بهذا التفاوت الكبير لكل ميكانيكي أذهب إليه، خاصة وأنني جديد العهد بهذه المشكلات، وقد وصلني هذا الإحساس بعد ما سمعت من الأصدقاء، بأن الميكانيكية في مصر أصبحوا لا يطاقون، وقد تأكد هذا الإحساس لي كلما هممت بنفخ الإطارات او إصلاح ثقب بها، فأجد كل « صنايعي» يتحدث عن الآخر بشيء من السخرية والتهكم، وإنه هو الخبير والباقي لا شيء، وفي النهاية أدفع مقابل نفخ الإطار أو إصلاح الثقب الكثير.

ومع أن الإطارات جديدة، لكن كل شخص يقول لك : يوجد ثقب، لا، يجب تغيير البلف، سوف أقدم لك نصيحة اشتري هذه الفردة بمائة جنيه.... إلخ.

إن هذا أصبح طبيعًيا – وسط جميع المهن المصرية، الجميع يشكك في الجميع، وفي النهاية تأخذ خدمة سيئة، أو تدفع نقودًا مبالغًا فيها حتى لا تدخل في معارك وصدام أنت الخسران فيها في النهاية.

وقد تم تأجيل إصلاح السيارة لأكثر من شهر ونصف أسير دون إضاءة في الجانب الإيسر، وعندما ذهبت للأخ « لطفي الميكانيكي» استقبلني بابتسامته، وقلت له ما أصاب السيارة، وانني في ظروف مادية لن تسمح بدفع الكثير.

ضحك لطفي ضحكة أعادتني لزمن مضى افتقده بشده، زمن به الكثير من البهجة والأمان.

قام سريعًا بفتح كابوت السيارة، وقام خلال دقائق معدودة بعمل اللازم، بل إنه نادى علي كي أشاهد أن العطل بسيط، وهو عبارة عن تفكيك في التوصيلات، قام بإصلاحه سريعًا.

قلت له: هل ستقوم بشراء فانوس جديد، أو لمبات للإشارة أو إصلاح الشرخ؟ قال لي: العربية زي الفل ومافيش فيها أي حاجة.

وقفت أعبث في جيبي، بحثًا عن نقود أقدمها إليه أو إلى الصبي المرافق بجواره. لكن ابتسامة لطفي وهو يغلق غطاء السيارة، جعلتني أبتسم وأشكره بقوة.

وانطلقت بالسيارة وأنا أفكر، مدى الرعب الذي ينتابني من ذكر اسم أي صنايعي سوف أتعامل معه، في جميع المهن، ولماذا لم نعد نأخذ منهم أي خدمة حقيقية، بمقابلها الحقيقي، دون السخرية من أفعال الآخرين، أو دون التضخيم مما نحن مقبلون عليه حتى يستطيع أخذ أي نقود بالفهلوة أو بالنصب أو بأي مسمى آخر أصبحنا نعيش فيه.