عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

 

فى مصر توجد قوانين تحمى العديد من «المهن» هدفها  منع الدخلاء من السيطرة على هذه المهن ضماناً للحد الأدنى من الالتزام بآداب وقواعد المهنة. فلا يستطيع أحد إنشاء «مركز طبى» ما لم يكن طبيباً، أو مكتب محاماه ما لم يكن محامياً أو صيدلية مالم يكن صيدلياً وهكذا.

هذه القوانين لا تلزم أصحاب المؤسسات التى لها صلة بهذه المهن بأن يتولى إدارة  هذه المؤسسات المهنيون بل يحتم أن يكون مالك هذه المؤسسات من المهنيين المؤهلين كل فى مهنته.

وحدها  مهنة «الإعلام» التى يستطيع من يملك المال أن يمتلك صحيفة أو يطلق إذاعة أو قناة تليفزيونية والمنطق هنا أن ملكية وسيلة إعلامية تندرج تحت  مفهوم «استثمار» رأس المال. فإذا واجهنا أصحاب هذا المنطق بأن المؤسسات  التى أشرت اليها مثل المؤسسات الطبية أو القانونية أو الصيدليات أو غيرها  هى الأخرى نشاط استثمارى لم نسمع إجابة مقنعة تجعلنا نستثنى الإعلام «كمهنة من المعاملة بالمثل».

الإعلام فى مصر يتم التعامل معه باعتباره «المهنة المستباحة» التى يستطيع أى مواطن ممارستها أو امتلاك وسائلها دون أن يكون من أبناء هذه المهنة وبالتالى يستطيع هذا المالك أن يتحكم فى المهنيين العاملين بمؤسسته باعتبارهم  موظفين لدى سيادته عليهم أن ينفذوا توجيهاته و أن يضبطوا خطابهم الإعلامى فى الاتجاه الذى يريده صاحب المؤسسة الإعلامية.

فى البلاد المحترمة تنبه المشرع الى خطورة هذه الأوضاع فصدرت القوانين التى تفصل بشكل  حاسم بين «الإدارة المهنية» للمؤسسة الإعلامية وبين ملكية هذه المؤسسة.

واشترطت القوانين فى هذه البلاد أن يتولى الإدارة المهنية كاملة ودون تدخل من المالك مهنيون. أما مالك المؤسسة الاعلامية فحقه محصور فى الأمور المالية التى لا تؤثر على الأداء المهنى ولو أضفنا الى هذه الأوضاع لتى تحمى الإعلام «كمهنة» من سيطرة رأس المال، لو  أضفنا الى هذه القوانين تقاليد وقواعد مستقرة تحمى هذه المهنة، ونقابات مهنية قوية تستطيع أن تتصدى لرأس المال لو أراد أن يتغول على المهنة، لو رأينا الصورة على هذا النحو فسوف ندرك سر قوة الإعلام فى الدول المحترمة.

ويضاف الى هذا كله بطبيعة الحال قوانين محكمة الصياغة تضمن حرية تدفق المعلومات وحرية التعبير. يعرف خبراء الإعلام ان غياب عنصر واحد من هذه العناصر الضامنة لصيانة مهنة الإعلام وحمايتها من العبث غياب عنصر واحد من هذه العناصر التى ذكرتها يعرض مهنة الإعلام لخطر الانحراف وعدم القدرة على أداء الدور المنوط بها فى المجتمع.

فما بالنا بمهنة الإعلام فى مصر وقد فقدت عملياً  جميع العناصر التى تحميها من الانحراف والانحطاط؟!

لحسن الحظ لم يزل بعض الإعلاميين «مذيعات ومذيعين» يحافظون ـ قدر طاقتهم ـ على الإبقاء على الحد المعقو ل من الأداء المحترم، وهؤلاء للأسف قلة تناضل فى مناخ غير موات لتحفظ لمهنة الإعلام احترامها.

وإذا كانت المهن الأخرى التى تحميها القوانين من عبث الدخلاء تؤثر فى قطاعات من المجتمع فإن «مهنة الإعلام» تؤثر تأثيراً هائلاً فى التوجهات الفكرية والسلوكية لأبناء المجتمع كافة من هنا فإن صيانة هذه المهنة هى المهمة الجديرة باهتمام المسئولين،  وقد تنبهت «اللجنة الوطنية للإعلام» التى وضعت مشروع قانون الإعلام تنبهت الى هذه القضية ووضعت المواد الكفيلة بحماية المهنة من تغول سلطة الحكومات وسطوة رأس المال والقانون تسلمته الحكومة منذ زمن ولم يصدر على النحو الذى يكفل هذه الحماية فهل نطمع أن يصدر القانون محققاً للأهداف التى سعى إليها الإعلاميون، أم سيترك الأمر على ما هو  عليه الآن فبقى «مهنة الإعلام» مستباحة وتصدق العبارة التى يرددها الإعلاميون محذرين والتى تقول ان الإعلام فى مصر أصبح مهنة من لا مهنة له.