رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

لا أجد وصفا أمثل لما شعرت به عندما قادتني قدماي إلى القرية الذكية صباح أمس الاول الثلاثاء سوى ذلك القائل بأن «الحلو ما يكملش».. ذلك أنني في زيارة أولى للقرية منذ سنوات انبهرت بما رأيته وتمنيت لو أن مصر كلها تكون على غرار القرية الذكية من نظافة ونظام وخضرة منتشرة في كافة جنبات المنطقة التي توجد بها. عبر عن ذلك بشكل جميل ابني الأصغر حينما رافقني في زيارة أخرى فراح يقول في اندهاش بدا عليه : «بابا أنا حاسس إنني لست في مصر»!  كنت قد سمعت عن القرية الذكية ولكن كنت أجهل وضعها فرحت أقول لماذا لا يتم إعلام الناس بأن هناك في مصر جهودا طيبة يمكن أن تسفر عن مشروعات مشرقة تؤكد أننا لسنا أقل من الآخرين في توفير بيئة مناسبة لحياة الإنسان.

صحيح أن الطرق مقامة بمواصفات مصرية للمقاييس العالمية حيث الأسفلت من الواضح أنه من النوعية الرديئة فضلا عن عدم استواءها مما يعرضك لمجموعة من المطبات التي تقلل العمر الإفتراضي لسيارتك إلا أن عزائك أنها ليست على شاكلة المطبات التي في بقية مصر المحروسة.

غير أنني في زيارتي الأخيرة ذهبت مبكرا في مواعيد العمل الرسمية أو ساعة الذروة لدخول القرية، وهالني ما صادفت فزحام السيارات على أشده لدرجة تشعرك أنك في وسط البلد حيث ميدان الإسعاف أو شارع رمسيس، رغم أن القرية من المفترض انها مقامة في صحراء حيث أرض الله الشاسعة.. الطريق ضيق يسع سيارتين بالكاد، والدخول إلى القرية يمر عبر طريق طويل يصل إلى نحو كيلو مترين تمضيهما في عذاب ولا يوجد سوى بوابة واحدة للقرية حيث الثانية مغلقة بدعوى أن الطريق بها مكدس. على يسارك كسائق لسيارة تلمح جزيرة وسطى يمكن أن يقام بها طريق بعرض طريق مصر الإسكندرية الصحراوي. تجد نفسك تتساءل دون حتى أن تحفز ذهنك على التفكير لماذا لا يتم توسعة الطريق باقتطاع جزء من تلك الجزيرة والتي لا شك أنها أقيمت لمواجهة غوائل الأيام وزحام المستقبل!

مع معايشة الموقف من خلال أكثر من زيارة تشعر بالرأفة على أولئك السائرين داخل القرية في شمس الظهيرة القاسية حيث لا توجد مواصلات داخلية سوى ساعة أو ساعتين صباحا وليس لكل الاماكن في القرية. امتلاك سيارة لكل من له صلة بالقرية أيا كانت «فريضة»، في دولة من المفترض انها تحارب امتلاك السيارات الخاصة وتسعى لرفع تكلفة استخدام البنزين على مواطنيها تشجيعا لهم على ارتياد مواصلات عامة.

حينما رحت أتأمل خريطة المكان تذكرت أنه لا يوجد أي تجمع سكني بالمنطقة. سرحت أكثر فانتبهت إلى أن كل هؤلاء قادمين من القاهرة الكبرى أو في أسوأ الفروض من اكتوبر وزايد حيث أقرب تجمع سكني. سيطرت الدهشة على تفكيري : أين الرشادة في أن أجعل أكثر من عشرات الالاف من البشر يزحفون يوميا من أماكن قصية إلى الصحراء. لماذا نتعامل مع القرية الذكية بتفكير معاكس فنحولها لقرية غبية، فلا نستغل تلك النواة في إقامة مجتمع عمراني متكامل حتى تمثل القرية خطا موازيا لفكرة نقل الوزارات من القاهرة، فتساعد في حدود معينة في جذب قدر معقول من الكثافة السكانية إليها وإنشاء مجتمع مستقل تماما عن القاهرة. رحت ألوم نفسي – وإن في غير حدة - على أنني أضع نفسي محل من يفترض انهم يقومون على التخطيط العمراني لمصر.. الذين يقبعون في مكاتب مكيفة لا يدرون كيف تسير الأمور على أرض الواقع!!

[email protected]